جامع المدارک فی شرح المختصرالنافع-ج1-ص212
العفو في الجملة والدليل عليه الاخبار، مضافا إلى قاعدة نفى الضرر وقاعده نفى الحرج في بعض الموارد، وانما الاشكال في اعتبار المشقة وسيلان الدم، وعلى تقدير اعتيار المشقة في ازالة النجاسة هل تعتبر المشقة الشخصية الموجبة للحرج؟ أو تكفى المشقة النوعية التي لو لا الاخبار الخاصة لا توجب رفع التكليف فلا بد من ملاحظة اخبار الباب، فمنها صحيحة ليث المرادى قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: الرجل يكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مملوة دما وقيحا وثيابه بمنزلة جلده؟ فقال: (يصلي في ثيابه ولا يغسلها ولا شئ عليه) (1) ومنها صحيحة عبد الرحمن قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: الجرح يكون في مكان لا يقدر على ربطه فيسيل منه الدم والقيح فيصيب ثوبي؟ فقال: (دعه فلا يضرك إن لا تغسله) (2) ومنها موثقة سماعة عن ابى عبد الله عليه السلام قال: (إذا كان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلا يغسله حتى يبرء وينقطع الدم) (3) ومنها صحيحة محمد بنمسلم عن احدهما عليهما السلام قال: (سألته عن الرجل يخرج به القروع فلا تزال تدمى كيف يصلي؟ فقال: يصلي ان كانت الماء تسيل) (4).
فنقول: اما صحيحة ليث المرادى فالظاهر ان مورد السؤال فيها صورة لزوم الحرج والضرر فلا يستفاد من الجواب إطلاق، وأما صحيحة عبد الرحمن وان كان يستفاد من ترك الاستفصال فيها عموم الحكم لصورة عدم الضرر والحرج لكنه لا تشمل صورة عدم السيلان، وأما الموثقة فالظاهر منها مدخلية السيلان فتدل على انتفاء الحكم مع انتفاء القيد، واما الصحيحة – اعني صحيحة محمد بن مسلم – فقد يقال أن المستفاد من كلمة (إن) الوصلية فيها كون صورة عدم سيلان الدماء أولى بالحكم، وفيه تأمل من جهة احتمال ان يكون التعرض لدفع ما يتوهم من المحذور الاشد فانه بعد ما كان الدم مانعا عن الصلاة فالدم الزائد أشد منعا، ولذا ربما يلتزم بلزوم التخفيف بما أمكن في صورة الاضطرار، وربما يدعى استفادة الاطلاق من خبر أبى بصير قال: دخلت على أبى جعفر عليه السلام وهو يصلى فقال لي قائدي:
(1) و (2) و (3) و (4) الوسائل أبواب النجاسات ب 22 ح 5 و 6 و 7 و 4.