جامع المدارک فی شرح المختصرالنافع-ج1-ص199
استخففت بدينك ان الله حرم الميتة من كل شئ) (1) ولا بد ان يراد من التحريم التحريم الخاص الناشي من النجاسة حتى يستقيم التعليل، وبالجملة بعد ملاحظة الاخبار الخاصة والعامة والتسليم بين الاصحاب لا مجال للتشكيك في الحكم وان وقع من بعض بدعوى ان المستند الاجماع، والصدوق (قده) مخالف، واما بعض الاخبار الدالة على عدم البأس كما يدل على الطارة بالدبغ فقد اعرض الاصحاب عن العمل بها، بل عن شرح المفاتيح ان عدم حصول الطهارة بالدبغ من ضروريات المذهب كحرمة القياس.
(وكذا الدم) نجاسة الدم في الجملة من المسلمات بل عد من ضروريات الدين، ولكن لا ينجس منه الا ما كان من حيوان لاعرق بأن كان ذا نفس سائلة الا ما سيجئ، ولا خلاف فيه إلا ما وقع الخلاف فيه من جهة القلة والكثرة، والاخبار الدالة على نجاسة الدم فوق حد الاحصاء الا أن جلها وردت في موارد خاصة لعله يشكل الاستدلال بها على نجاسة عموم الدم، وقد يستدل بالآية الشريفة: (الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فانه رجس) وفى دلالتها تأمل، ويظهر من كلمات جماعة اختصاص الحكم بالدم المسفوح وهو ما انصب من العرق، فعن المنتهى أنه استدل على طهارة دم ما ليس له نفس سائلة بأنه ليس بمسفوح، والحق به الدم المتخلف في اللحم المذكي إذا لم يقذفه الحيوان لانه ليس بمسفوح، ثم استدل في خصوص دم السمك كالمحقق في المعتبر بأنه لو كان نجسا لتوقف إباحة أكله على سفحه كالحيوان البري ولعل مرادهم من المسفوح ما من شأنه ان يكون مسفوحا وإلا فمن المسلم نجاسة دم الاسنان، والخارج بواسطة حكة الجلد وان كان هذا التوجيه لا يلائم مع الاحتراز عن الدم المتخلف في الذبيحة، لانه ايضا من شأنهأن يخرج من العرق، ويظهر من الاخبار الكثيرة الواردة في الموارد الخاصة أن الحكم بالنجاسة ليس من جهة خصوصية المورد بل لنجاسة مطلق، وهذا كالاستظهار من الاخبار الخاصة نجاسة مطلق الميتة، فلا مجال للاشكال بعدم وجود دليل على نجاسة
(1) الاستبصار ج 1 ص 24 تحت رقم 6.