منیة الطالب فی شرح المکاسب-ج1-ص425
الأول: لا شبهة أن إذن المولى يرفع الحرمة التكليفية.
وأما الأجازة اللاحقة فلا تؤثر في رفع الحرمة، لأن الفعل لا يتغير عما وقع عليه.
فلو قيل بأن نفس تلفظ العبد وكذلك قصد معنى اللفظ – أي: استعمال اللفظ في المعنى – محرم بلا إذن فالاجازة اللاحقة لا ترفع الحرمة.
إلا أنك قد عرفت أن مثل ذلك لا يشمله عموم الشئ.
الثاني: أن النهي المتعلق بالمعاملات تارة يرجع الى الأسباب، واخرى يرجع الى المسببات، فإذا رجع الى الأسباب فلا يوجب الفساد، وإذا رجع الى المسببات فيوجبه، وتوضيحه موكول الى الاصول.
وإجماله: أن حرمة السبب إما لمزاحمة لواجب: كالبيع وقت النداء، أو لتعلق النهي به بالخصوص: كحرمة تلفظ العبد بألفاظ العقود لا يلازم عدم ترتب الأثر عليه، فتحقق المنشأ بالألفاظ المحرمة من جهة كونها فعلا من أفعال المكلف لا محذور فيه.
وأما حرمة المسبب فمرجعها الى سلب قدرة المكلف عن وقوعه وإخراجه عن عموم السلطنة.
ثم المراد من السبب هو قصد المعنى من اللفظ.
والمراد من المسبب هو النقل والأنتقال، أي إيجاد المنشأ وموجديته بهذا الأيجاد، أي المصدر واسم المصدر اللذان فرقهما اعتباري.
فمن حيث نسبة الأثر الى الفاعل يقال: أوجده وأثر فيه.
ومن حيث نسبته الى المنفعل يقال: موجد وأثر.
وهذه الامور كلها صادرة عن العاقد، فالعبد في مقام البيع يصدر عنه اللفظ الذي اعتبر فيه الماضوية والعربية، وعدم كونه غلطا، ويقصد المعنى في مقابل كونه هازلا، ويقصد إيجاد المادة بالهيئة في مقابل استعمال اللفظ في المعنى لداع آخركالأخبار ونحوه، ويقصد اسم المصدر أيضا تبعا من حيث إنه فعل توليدي له.
والأجازة اللاحقة تؤثر في الأمرين الأخيرين، لا في الأولين.