پایگاه تخصصی فقه هنر

منیة الطالب فی شرح المکاسب-ج1-ص407

المقام من تعارض المقتضيين، بل من قبيل تعارض المقتضي واللا مقتضي فإن الأكراه غايته أن لا يقتضي الصحة، لا أنه يقتضي الفساد فيؤثر الرضا، وفيه ما سيجئ.

الثالث: أن يكون كل منهما جزء السبب بحيث إنه لولا اجتماعهما لا يؤثر كل منهما.

وهذه الصورة أيضا يحتمل فيها الوجهان، ولكن قد يقال بأن الأقوى فيها الصحة، لأنه وإن انضم الأكراه إلى الرضا إلا أن الأكراه لا يقتضي الفساد حتى يعارض ما يقتضي الصحة، ولكن الأقوى فيها الفساد، لأن قوله عز من قائل: (إلا أن تكون تجارة عن تراض) (1)، وقوله عليه السلام: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه) (2) ظاهران في اعتبار الرضا والطيب مستقلا، فإذا كان جزء السبب بأن ورد مع الأكراه دفعة على المسبب فالفعل مستند إليهما، والأكراه وإن لم يقتض الفساد إلا أن المقتضي للصحة أيضا لم يتحقق، لعدم صدق التجارة عن تراض.

وبالجملة: فإذا ورد الجزءان في عرض واحد لم يتحقق مقتضي الصحة.

نعم، إذا كان أحدهما في طول الاخر فالفعل يستند إلى الجزء الأخير للعلة التامة، فإذاصار الأكراه منشأ لتحقق الرضا فالفعل يستند إلى الرضا.

كما أنه إذا صار الأمر بالعكس فحكمه العكس.

وسيجئ الكلام في هذه الصورة.

الرابع: أن يطلق من غير تورية مع علمه بأنه يمكن التلفظ بلا قصد المعنى وإرادة خلاف الظاهر.

ولا يخفى أن هذا الاحتمال ليس مراده، لأن عدم إمكان التفصي بالتورية لا دليل على اعتباره أولا.

ثم بناء عليه لا وجه لاحتمال فساده ثانيا، مع أنه يرجع إلى الوجه الأول، لأنه طلق زوجته راضيا بالطلاق فلا وجه لعده وجها آخر ثالثا.

الخامس: أن يكون الأكراه داعيا للداعي على الطلاق، فالفعل مستند إليهما

(1) النساء: 29.

(2) تقدم في الصفحة: 382.