منیة الطالب فی شرح المکاسب-ج1-ص397
فلو اكره على شرب أحد الأنائين اللذين أحدهما نجس والاخر نجس ومغصوب فالأكراه إنما يتعلق بالنجس، فلا يجوز شرب ما هو مغصوب ونجس.
وهكذا لو اكره على شرب الخمر أو الماء فالأكراه يتعلق بالماء، وذلك لأن الحامل له على العمل وإن لم يتعلق غرضه بخصوص ما لا أثر له، بل غرضه تعلق بالقدر المشترك، وانطباقه على الأفراد عقلي، إلا أن هذا يصح فيما كان الأفراد متساوية.
وأما لو لم تكن كذلك بل كان أحد الأفراد ممتنعا تكوينا أو شرعا فالانطباق يقع على ما عدا ذلك، لوضوح الفرق بين الأكراه على أحد الأنائيناللذين كل منهما خمر، والأكراه على أحد الأنائين اللذين أحدهما خمر والاخر ماء، فإن المكره لا يكون في الثاني مكرها على شرب الخمر وإن كان مكرها على شرب المائع، بخلاف الأول فانه – على أي حال – لا مفر له منه.
ولو قلنا بأن في المثال الثاني أيضا مكره عليه فلا وجه لتقديم أدلة المحرمات على أدلة الأكراه، مع أن الحكومة بالعكس، بل الحق أنه ليس مكرها على المحرم، لأن اختيار ماله أثر زائد على القدر المشترك ليس إلا عن طيب النفس به.
ومنها:
الأكراه على أحد المحرمين
اللذين أحدهما أشد عقوبة من الاخر، وفي هذه الصورة ارتكاب الأشد وإن لم يجز إلا أنه لا لكونه مختارا فيه، بل لكون الاخر أقل قبحا منه، فإنه – على أي حال – مكره على ارتكاب المحرم، ولكن العقل يحكم بتقديم الأقل قبحا.
ويمكن أن يقال في هذه الصورة أيضا: ارتكاب أشدهما عقوبة أيضا يخرج عن عنوان الأكراه، فإن القدر المشترك هو أصل الحرمة والزيادة بمنزلة عنوان آخر يختص بفرد دون الاخر.
ومنها: ما لو اكره على بيع شئ أو أداء مال مستحق عليه، فإذا اختار البيع لميكن مكرها، كما لو اكره، إما على شرب الخمر، أو فعل الصلاة الواجبة عليه فإن اختيار شرب الخمر يقع عن غير كره.
والسر في ذلك أن القدر المشترك لا أثر له، والخصوصية غير مكره عليها،