منیة الطالب فی شرح المکاسب-ج1-ص365
الأيصال، وهذا على وجوه: أحدها: ما ذكره كاشف الغطاء (1) بأن المعاملة في الحقيقة واقعة مع الولي والطرف الاخر، فيكون الأخذ من الطفل – مثلا – موجبا وكالة من قبل الولي، وقابلا من قبل نفسه، فيكون فعل الصبي من قبيل فتحه باب الدار والأذن في دخول الأغيار من كونه كاشفا عن رضا الولي.
وفيه أولا: أن دخول عمل طرف الصبي في عنوان الوكالة مشكل، لأن الولي لم يعينه لها، ومجرد رضا المالك لا يدخله في هذا العنوان.
وثانيا: أن ما هو الواقع في الخارج ليس إلا المعاملة مع الصبي، للعلم بعدم إنشاء التوكيل من الولي، وعدم قصد الطرف الوكالة عنه.
وثالثا: مقتضى ذلك اختصاص الصحة بما إذا كان المال من غير الصبي، وأما إذا كان منه ولم يعلم له ولي إجباري فلا يجوز، مع أن بناء الناس ليس علىالتفحص.
وثانيها: أن يكون المنشئ للمعاملة هو الولي مع طرف الصبي، وكان الصبي واسطة في إقباض المالين وإيصاله الى المالكين كإيصاله الهدية إلى المهدى إليه.
وفيه أولا: أن إنشاء التمليك لشخص غير معلوم بوجه لا يدخل تحت أحد العناوين التمليكية.
وثانيا: أن الفصل بين هذا الأنشاء والأنشاء من طرف الصبي قد يكون أزيد من سنة.
وثالثا: أن ما هو الواقع في الخارج ليس كذلك غالبا، بل دائما.
وثالثها: الاكتفاء في المعاملة بوصول كل من المالين إلى المالك الاخر مع رضا الطرفين.
وقد تقدم في المعاطاة ما يدل على صحة ذلك، فإنه إما من مصاديقها بناء على عدم اعتبار التعاطي فيها، وإما أنه ملحق بها حكما بناء على ما تقدم من أن المعاطاة إنما تدل على التسليط المالكي، فلو أنشأ التسليط عن المتدينين.
نعم، لابد من الاكتفاء بما هو المتيقن من جريان سيرة المتدينين عليه، وهوالمعاملة التي لا تحتاج إلى المساومة، بل كانت قيمة العين معينة في الخارج بحيث كان الصبي آلة صرفة وواسطة في الأيصال.
قوله قدس سره: (مسألة: ومن جملة شرائط المتعاقدين: قصدهما لمدلول العقد.
).
توضيح هذه المسألة يقع في طي مباحث: الأول: أن بعض الجمل مختص بالأنشاء كصيغة الأمر والنهي فإن مفادهما: إيقاع النسبة بين الفاعل والمادة تشريعا، أو سلبها عنه كذلك.
وبعبارة اخرى: مفاد الأمر: البعث نحو المطلوب تشريعا، ومفاد النهي: الزجر عنه كذلك، وهذان المعنيان متمحضان في الانشائية، وبعض الجمل مختص بالأخبار كالجملة التي كان محمولها أمرا خارجيا: كقوله: زيد قائم.
وبعضها مشترك بين الأمرين: كالفعل الماضي والمضارع.
والجمل الاسمية التي يكون محمولها قابلا لأن يوجد بالأنشاء فالفعل الماضي يصح أن ينشأ بها عناوين العقود، والفعل المضارع يصح أن ينشأ بها الأحكام.
والسر في اختصاص كل واحد بباب هو: أن الفعل الماضي للنسبة التحقيقية،والفعل المضارع للنسبة التلبسية، فالماضي أمس بإيجاد عناوين العقود به، والمضارع أمس بتشريع الأحكام به، فإن إيجاد عنوان العقد لا يناسبه التلبس، وإيجاب متعلقات الأحكام لا يناسبه التحقيق.
وأما الجمل الأسمية فكاسم الفاعل
(1) شرح القواعد (مخطوط): الورقة 53.