پایگاه تخصصی فقه هنر

منیة الطالب فی شرح المکاسب-ج1-ص249

والمرتهن والمصالح له هو القابل، لأنه هو الذي يأخذ مال غيره، وهكذا في الوكالة والعارية والوديعة كل من الموكل والمعير والمودع هو الموجب، وكل من الوكيل والمستعير والمستودع هو القابل.

إذا عرفت ذلك فنقول: أما العقود الأذنية

فيجوز تقديم القبول فيها على الأيجاب،

كأن يلفظ (قبلت) أو غيره، لأن المدار فيها ليس إلا الرضا في التصرف والحفظ، فإذا استدعى الوكيل الاستنابة في التصرف وأظهر الموكل الرضا بها كفى لتحقق هذا العنوان.

والسر في ذلك: أنه ليس في العقود الأذنية إلزام والتزام وإنشاء ومطاوعة، بلنيابة، وتسميتها عقدا مسامحة، ومنشؤها ليس إلا كونها بين الطرفين فيتحقق بكل ما يظهر هذا العنوان، أي النيابة في التصرف والحفظ.

نعم، بعض الاثار الخاصة مترتب على الوكالة العقدية كعدم انعزال الوكيل قبل وصول خبر العزل إليه.

وأما في غير العقود الأذنية فسواء أكان قبوله منحصرا بلفظ (قبلت) أم لم يكن منحصرا به ولكنه أنشأه بهذا اللفظ ونحوه فلا يجوز تقديمه على الأيجاب، لأنه ظاهر في مطاوعة شئ وإنفاذ أمر أوجده غيره، وهذا المعنى بحيث يكون جزءا من العقد ولا يكون إيقاعا يتفرع على وقوع إيجاد من الاخر كتفرع الأنكسار على الكسر، فإن إنشاء المشتري نقل ماله عوضا عن نقل البائع لا يتحقق إلا بعد وقوع النقل من البائع، ولا يقاس على الأيجاب، فإن في مفهوم الأيجاب لم يؤخذ إنفاذ أمر وإن توقف تأثيره خارجا على القبول، فإن مفهوم الأيجاب هو تمليك مال بعوض، وهذا يمكن إنشاؤه في عالم الاعتبار ولو لم يتحقق قبول أصلا، وما يتوقف على القبول هو تأثيره.

وأما مفهوم القبول فلا يمكن إنشاء النقل به اعتبارا أيضا فإن مطاوعة الأمر المتأخر فعلا يمتنع عقلا، وليس مفهومه مجرد الرضا بشئ حتى يقال: إن الرضا بأمرليس تابعا لتحقق ذلك الأمر في الخارج، ولا تابعا لرضا من يوجد ذلك الأمر، بل المراد منه ما هو ركن في العقد ومطاوعة لما أوجده البائع، فلا يمكن أن يكون مقدما.