منیة الطالب فی شرح المکاسب-ج1-ص239
الثانية: لا شبهة في الفرق بين الحكايات والأيجاديات،
إن الحكايات لا يتعلق غرض بها إلا إظهار ما في الضمير وإلقاء المقصود إلى المخاطب، فكل لفظ لم يكن خارجا عن اسلوب المحاورة يصح إظهار ما في الضمير به، سواء كان الاستعمال حقيقة أم مجازا، صريحا أم كناية، كانت قرينة المجاز حالية أو مقالية، كان المجاز بعيدا أو قريبا، وهذا بخلاف الأيجاديات فإنها لا توجد إلا بما هو آلة لأيجادها ومصداقا لعنوانها، فلو لم يكن شئ مصداقا لعنوان وآلة لأيجاده، بل كان للازمه أو ملازمه لم يوجد الملزوم أو الملازم الاخر به وإن كان الغرض من ايجاد اللازم أو الملازم إيجاد الملزوم أو الملازم الاخر بحيث كان هو المقصود الأصلي، إذ لا عبرة بالدواعي والأغراض في الأيجادات، فلو قصد البيع واتي بغير ما هو مصداقه فلا أثر له، ولذا لا يرتبون الاثار على الشروط البنائية التي لم تذكر في متن العقد.
ثم إن الأيجاد المعتبر في العقود غير الأيجاد الحاصل في سائر الأنشائياتوغير الأيجاد الحاصل في معاني الحروف، فإن الهيئة في سائر الأنشائيات وضعت لألقاء الحدث على الفاعل، وإيجاد النسبة بين الفاعل والفعل وبإيجاد النسبة إذا كان المتكلم في مقام البعث والتشريع يتحقق مصداق للأمر، وإذا كان في مقام السؤال يتحقق مصداق للاستفهام، وإذا كان في مقام إظهار المحبة في وقوع النسبة يتحقق التمني والترجي ونحو ذلك.
وأما الهيئة في باب العقود فمضافا إلى أن بها تتحقق النسبة توجد المادة بها أيضا إذا كان المتكلم في مقام الأنشاء، فإنه بقوله: (بعت) يوجد البيع.
وأما الأيجاديات في باب الحروف فقوامها بامور أربعة: الأول: كون معنى الحروف إيجاديا لا إخطاريا.
الثاني: كونه قائما بغيره.
الثالث: عدم التقرر له في غير وعاء الاستعمال.
الرابع: كون المعنى حين إيجاده مغفولا عنه.