منیة الطالب فی شرح المکاسب-ج1-ص189
الموصي.
ومن الثاني: النكاح، فإن الفعل فيه ملازم لضده، وهو الزنا والسفاح، بلمصداق للضد حقيقة، فإن مقابل النكاح ليس إلا الفعل المجرد عن الأنشاء القولي وعما جعله الشارع سببا للحلية.
ومن الثالث: الوقف، ولكن الأقوى هو التفصيل بين أقسامه، فما كان الفعل بنفسه مصداقا لحبس العين وتسبيل المنفعة كوقف المساجد والقناطر والمدارس ووقف الحصر والبواري ونحوهما للمساجد والمشاهد يقع بالفعل كوقوعه بالقول.
وما لم يكن الفعل مصداقا له كالوقف الخاص أو لمصرف خاص كالوقف لتعزية سيد الشهداء – سلام الله عليه وعلى الدماء السائلات بين يديه – فلا يقع بالفعل.
وبالجملة لم يقم دليل خاص على اعتبار القول في مطلق الوقف: كباب النكاح، بل النزاع صغروي.
ثم مما ذكرنا ظهر أنه لا يمكن وقوع الأيقاعات بالفعل إلا باب الأجازة والفسخ وما يلحق بهما من الرجوع في العدة، لعدم وجود فعل يكون مصداقا للطلاق والعتق ونحوهما، فإن إلقاء القناع على الزوجة، وإخراج العبد من الدار وأمثال ذلك من الأفعال ليست مصداقا للطلاق والعتاق، بل هي من آثارهما.
ثم إن من القسم الثالث الرهن، فبعضهم (1) ادعى عدم تحققه بالفعل، لا نعقادالأجماع على كونه من طرف الراهن لازما، وانعقاده على توقف العقود اللازمة على اللفظ.
وبتعبير آخر: حقيقة الرهن – وهي كون المال وثيقة للدين – تقتضي عدم إمكان الفسخ للراهن، مع أن المعاطاة سواء كانت مفيدة للملك أو الأباحة جائزة: إما إجماعا أو لعدم ثبوت مقتضي اللزوم، فلا بد إما من القول ببطلان المعاطاة
في الرهن،
أو تخصيص مادل على كون المعاطاة جائزة، أو تخصيص أدلة الرهن، وحيث إن الالتزام بالأخيرين ممتنع، للأجماع على توقف العقود اللازمة على
(1) كابن ادريس الحلي في السرائر: ج 2 ص 416 – 417.