منیة الطالب فی شرح المکاسب-ج1-ص37
الثاني: وقوع الأثم من الغير بحيث لو لم يتحقق الأثم لم يكن الأيجاد حراما من جهة صدق الأعانة وإن حرم من جهة قصد الأعانة بناء على ما اختاره من أن قصد المعصية بنفسه من المعاصي.
وقد يقال (3): بكفاية نفس قصد تحقق الأثم من الغير وإن لم يقع الأثم.
وقد يقال: لا يعتبر القصد إذا تحقق الأثم (4).
وقد يقال (5): بعدم اعتبار تحقق الأثم ولا القصد، بل نفس بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا حرام وإن لم يعمله خمرا، ولاقصد البائع ببيعه وقوع الحرام من المشتري.
والحق أن يقال: إن الفعل الواقع من شخص تارة يقع في سلسلة علل فعل فاعل الأثم، واخرى لا يكون كذلك وإن لم يمكن أن يصدر الأثم بدونه، بل كانمن المبادئ البعيدة، وذلك كتجارة التاجر التي لولاها لم يمكن للعشار أن يأخذ عشرها، وهذا في الحقيقة خارج عن المبادئ أيضا، فإن المبادئ هي التي تتحقق بعد الأرادة التقديرية من المريد، وهذا بمنزلة الموضوع لتحقق الأرادة التقديرية، فإنه لولا تجارة التاجر وغرس الكرم من الزارع لم يمكن حصول العشار والخمار، فبعد تحققهما لو كان أحد خبيث النفس يصير عشارا أو مخمرا.
وبالجملة: لو لم يكن في العالم ما يمكن أن يجعل خمرا لم يمكن للخمار أن تحصل له إرادة تقديرية على تخمير العنب، أي: إرادته التخمير على تقدير اشتراء العنب وتهيئة سائر المقدمات حاصلة في ظرف وجود العنب.
وكيف كان، سواء كانت هذه من المبادئ أولا فهذه خارجة عن موضوع البحث إذا كان قصد التاجر التجارة لتحصيل أغراضه النفسانية، وقصد الغارس
(3) والقائل به الأردبيلي في زبدة البيان: كتاب الحج ص 297.
(4) قاله اليزدي في حاشيته على المكاسب: في حرمة بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا ص 9.
(5) قاله الايرواني في حاشيته على المكاسب: فيما يقصد منه المنفعة المحرمة ص 15س 36 – 40.