کتاب المکاسب-ج1-ص332
ثم إن ذكر الشخص قد يتضح كونها غيبة، وقد يخفى على النفس لحب أو بغض، فيرى أنه لم يغتب وقد وقع في أعظمها! ومن ذلك: أن الإنسان قد يغتم بسبب ما يبتلى به أخوه في الدين لأجل أمر يرجع إلى نقص في فعله أو رأيه، فيذكره المغتم في مقام التأسف عليه بما يكره ظهوره للغير، مع أنه كان يمكنه بيان حاله للغير على وجه لا يذكر اسمه، ليكون قد أحرز ثواب الاغتمام على ما أصاب المؤمن، لكن الشيطان يخدعه ويوقعه في ذكر الإسم.
بقي الكلام في أنه هل يعتبر في الغيبة حضور مخاطب عند المغتاب، أو يكفي ذكره عند نفسه؟ ظاهر الأكثر الدخول، كما صرح به بعض المعاصرين (1).
نعم، ربما يستثنى من حكمها – عند من استثنى – ما لو علم إثنان صفة شخص فيذكر أحدهما بحضرة الآخر.
وأما على ما قويناه من الرجوع في تعريف الغيبة إلى ما دلت عليه المستفيضة المتقدمة من كونها ” هتك ستر مستور ” (2)، فلا يدخل ذلك في الغيبة.
ومنه يظهر أيضا أنه لا يدخل فيها ما لو كان الغائب مجهولا عند المخاطب مرددا بين أشخاص غير محصورة، كما إذا قال: ” جاءني اليوم رجل بخيل دنئ ذميم “، فإن (3) ظاهر تعريف الأكثر (4) دخوله،
(1) لم نقف عليه.
(2) راجع الصفحة: 324 و 325.
(3) كذا في النسخ، والأنسب: لكن.
(4) تعريف الأكثر هو: ” أن يذكر الإنسان بكلام يسوؤه “، انظر الصفحة: 322.