مستند الشیعة فی احکام الشریعة-ج15-ص295
المراد بعدم الاكل: الاعتياد به، ولازمه ترك الاكل غالبا، ولا ينافيه الاكل النادر، جمعا بينها وبين أخبار المنع، مع أنه لولاه أيضا لترجحت أخبار المنع أيضا، لموافقتها ظاهر الكتاب من وجهين: من جهة التعليم ومن جهة الامساك، ومعاضدتها بالاجماعات المنقولة والشهرة العظيمة، التي هي من أعظم المرجحات الاجتهادية، بل المنصوصة.
أقول: أما الحمل المذكور فحمل بلا شاهد، ومثله عندنا فاسد.
وأما ترجيح أخبار المنع بما رجحوها به فغير صحيح.
أما الوجه الاول من وجهي موافقة الكتاب، فلانه موقوف على توقف صدق المعلمية على ذلك، وهو ممنوع جدا، وقد ظهر سنده مما ذكرنا في صدر المسألة.
وأما الوجه الثاني، فلانه مبني على أن يكون معنى قوله سبحانه: (مما أمسكن عليكم) من الصيد الذي أمسكن تمامه عليكم، وهذا تخصيص لا دليل عليه من عرف أو لغة أصلا.
بل المعنى: فكلوا مما أمسكن عليكم وحفظه لكم، سواء كان تمام الصيد أو بعضه، فإن ما أبقاه الكلب ولم يأكله يصدق عليه أنه ما أمسك عليه، سواء كان كلا أو بعضا.
وتدل على ذلك من الاحاديث صريحا روايات الاشل وسعيد وزرارة والرضوي، حيث اثبت فيها الامساك مع تحقق أكل البعض، وظهر من ذلك أن موافقة إطلاق الكتاب إنما هي لاخبار الحلية.
وأما الاجماع المنقول فلا يصلح لترجيح بعض الاخبار على بعض، كيف ؟ ! ومن يقول بحجيته ينزله منزلة خبر صحيح، وضم خبر واحد لا يصير مرجحا لما ضم معه أصلا.
وأما الشهرة، فالشهرة التي تصلح للترجيح هي الشهرة في الرواية