مستند الشیعة فی احکام الشریعة-ج15-ص199
الواضع، وهذا هو سبب القبح الذي يلاحظ في العرف وادعاه المحققون، وهو أمر مستمر لا ينفك أبدا، وليس القبح لاجل أمر خارجي يزول بزواله ويعد من الموانع.
وأما ما ذكره – من زوال قبحه أحيانا بمراعاة بعض النكات واللطائف – فهو خطاء محض واشتباه بين يقضى منه العجب سيما من هذا الجليل الشأن الذي ذكره، فإن الاستعمالات التي ذكرها مراعيا فيها النكات واللطائف ليس من باب التخصيص ولا علاقة العموم والخصوص، وإنما هو تجوز آخر وعلاقة اخرى.
ولذا لا يرتفع القبح لو صرح بالتخصيص، فيقول: أكرم كل من جاء دارك إلا غير زيد العالم، أو: ولا تكرم غير زيد العالم، أو: أكلت كل رمانة إلا غير الرمانة الفلانية الحسنة.
ولذا لو علم السامع بذلك،ولكن لم يعلم خصوص مراده عددا، لا يحمله على غير ما علم عدم إرادته، كما هو شأن التخصيص.
ولو تنزلنا عن الحكم – البات بكون ذلك تجوزا آخر – فلا أقل من احتماله المسقط للاستدلال، لثبوت التوقيف وارتفاع القبح عن التخصيص.
ورابعا: أنا سلمنا أن القبح يرتفع بمراعاة اللطائف والنكات، فما اللطيفة التي رفعته في تلك الاخبار والنكتة التي أزالته فيها ؟ ! فإن قلت: النكتة هو شيوع هذه الثلاثة وتعارفها وتداولها.
قلنا: مع أن كفاية مجرد ذلك لرفع القبح غير معلوم، إنه إن اريد الشيوع وجودا – أي أن هذه العصيرات الثلاثة أكثر وجودا من غيرها – فهو ممنوع جدا، كيف ؟ ! مع أن عصارة الزيت وسائر الحبوبات التي يستضاء بعصارتها وعصير الحصرم والرمان والاترج والليمون وغير ذلك ليس بأقل من عصارة الزبيب قطعا.
وإن اريد شيوع إغلائها وأكثرية غليانها فكذلك أيضا، فإن تحقق الغليان في العصارات التي يستضاء بها وفي ماء الحصرم والرمان والاترجوالسماق والاجاص في الطبائخ والربوب ليس أقل وقوعا من تحقق الغليان في عصارة الزبيب والتمر أصلا، وقد وقع السؤال في الاخبار العديدة عن رب الرمان والتفاح والسفرجل والتوت وغيرها (1).
(1) الوسائل 25: 366 أبواب الاشربة المحرمة ب 29.