مستند الشیعة فی احکام الشریعة-ج14-ص58
والبأس والسحت وإن كانا موجبين للحرمة، إلا أن الاجماع على عدمها – مضافا إلى بعض الروايات – أوجب حملهما على الكراهة.
ثم إن إطلاق الموثقة الاخيرة وإن اقتضى الكراهة مطلقا، إلا أنه لا بد من تقييدها بها، لمفهوم الاولى للاصل.
فالقول بالكراهة مطلقا – كاللمعة (1)، لاطلاق الموثقة الاخيرة – غير سديد، كالقول بعدم الكراهة كذلك، لرواية حنان: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام ومعنا فرقد الحجام، قال: جعلت فداك، إني أعمل عملا وقدسألت عنه غير واحد ولا اثنين فزعموا أنه عمل مكروه، فأنا احب أن أسالك عنه، فإن كان مكروها انتهيت عنه – إلى أن قال -: (وما هو ؟) قال: حجام، قال: (كل من كسبك يا ابن أخ، وتصدق وحج منه، وتزوج، فإن نبي الله صلى الله عليه وآله قد احتجم وأعطى الاجر، ولو كان حراما ما أعطاه)، قال: جعلني الله فداك، إن لي تيسا (2) اكريه فما تقول في كسبه ؟ قال: (كل من كسبه فإنه لك حلال والناس يكرهونه)، قال حنان: قلت: لاي شي يكرهونه وهو حلال ؟ قال: (لتعيير الناس بعضهم بعضا) (3).
لاجمال الرواية من حيث المراد من الكراهة، إذ يحتمل أن يكون المراد بالكراهة فيها المعنى المصطلح، وبالحرام الكراهة، ويحتمل العكس، ويؤيده التعليل كما قيل.
ثم كراهة التكسب وإن اختصت بصورة الشرط لما مر، إلا أنه يمكن
(1) اللمعة (الروضة 3): 219.
(2) التيس: الذكر من المعز، والجمع: أتياس وأتيس، والجمع الكثير: تيوس – لسان العرب 6: 33.
(3) الكافي 5: 115 / 2، التهذيب 6: 354 / 1009، الاستبصار 3: 58 / 191، الوسائل 17: 105 أبواب ما يكتسب به ب 9 ح 5.