مستند الشیعة فی احکام الشریعة-ج10-ص204
ولا يجعله متقربا به إلى الله، فلا يجوز تأخيرها عنه.
وكذا التقديم الغير المستمر إلى الجز الاول فعلا أو حكما، وأما المستمرة حكما فهي كالمقارنة، كما بيناها في بحث الوضوء.
فالحاصل: أنه تجب مقارنة النية الفعلية أو الحكمية لاول جز من العمل، ولا يجوز التأخير مطلقا، ولا التقديم بدون الاستمرار الحكمي، ولا يجب التقديم مطلقا، للاصل، فهذا هو الاصل في النية.
وقد تخلف الاصل في الصيام في مواضع يأتي ذكرها في المسائل الاتية بالدليل، فقد يوجب التقديم وقد يجوز التأخير، وليس المعنى في صورة التأخير أن معه يكون مجموع اليوم متقربا فيه إلى الله، بل المعنى: أن مجموع اليوم – الذي بعضه يشتمل على نية القربة – قائم مقام الذي يشتمل جميعه عليها بالدليل الشرعي.
ثم إن مقتضى الاصل المذكور – مضافا إلى النبويين المشهورين، أحدهما: (لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل) (1) والاخر: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) (2) – أن يكون وقت نية الصيام الليل حتما، حيث إن مقتضاه وجوب العلم بمقارنتها لطلوع الفجر الذي هو أول اليوم، وهو لما لا يحصل عادة إلا بإيقاعها قبل الطلوع، لان الطلوع لا يعلم إلا بعد وقوعه، فلا يحصل العلم بمقارنة النية له إلا بتقديمها عليه، فيكون التقديم واجبا.
قيل: الامر وإن كان كذلك لكن نفرض المسألة على تقدير وقوع
(1) سنن الدار قطني 2: 171 / 1.
(2) سنن أبي داود 2: 329 / 2454، وسنن النسائي 4: 196، ومسند أحمد 6: 287 بتفاوت يسير (