مستند الشیعة فی احکام الشریعة-ج1-ص325
الفصل الثالث: في الاستحالة والمراد منها تبدل الحقيقة عرفا لم، والمناط في تبدلها تبدل الاسم، بحيث يصح سلب الاسم الاول عنه، كما أشار إليه الامام في موثقة عبيد بن زرارة الآتية (1)، فكلما تبدل اسمه كذلك ينكشف تبدل حقيقته ويختلف حكمه.
وأما القول بعلم كفاية تبدل الاسم، لاجل، أنه لا يتفاوت الحكم الثابت للحنطة بعد صيرورتها دقيقا، ولا للدقيق بعد صيرورته عجينا، ولا للعجين بعدصيرورته خبزا، وكذا في القطن والغزل والثوب، وجعل المناط تبدل الحقيقة، والكاشف عنه تبدل الآثار والخواص (2).
فمردود بأنه لو كان كذلك، لزم تطهر اللبن النجس بصيرورته جبنا أو إقطا، ضرورة تبدل الخواص فيهما، ولا يلزم ذلك على ما ذكرنا.
وأما مثال الحنطة والقطن فنمنع ثبوت الحكم وعدم اختلافه لوثبت، فإنه لو قال الشارع: لا تسكن البيت ما دام فيه الحنطة، فلا يحرم السكون بعد تبدلها دقيقا.
وكذا لو نذر أحد أن يصوم مادام عنده القطن، لا يجب عليه الصيام بعد تبدله غزلا أو ثوبا.
وكذا لو قال: اغسل ثوبك من ملاقاة الحنطة أو القطن، فيحكم لاجله بنجاستهما ما داما حنطة وقطنا.
وأما ما ترى من استصحاب نجاسة الحنطة المتنجسة بعد صيرورتها دقيقا وكذا في القطن واللبن، فإنما هو لعدم كون النجاسة معلقة على هذا الاسم شرعا، فإن الشارع لم يقل: إن الحنطة نجسة، ولا: إن الحنطة الملاقية للنجاسة نجسة، إنما هي جزئي من جزئيات المحكوم عليه، لا لكونه حنطة، بل لانه جسم ملاق للنجاسة، فمناط الجزئية أيضا هذا الملاقي، ولو كان الشارع يقول: الحنطة
(1) سيأتي ذكرها ص 332.
(2) قاله في غنائم الأيام: 81.