عوائد الایام-ج1-ص192
الناس مسائلهم ولا يدعوهم الى سبيل الله ولا يبين لهم امورهم ويدل على المطلق ايضا الاجماع القطعي بل الضرورة الدينية بل ضرورة جميع الاديان فان الكل قد اجمعوا على افتاء العلماء للعوام وعلى ترك الانكار في تقليد غير العلماء لهم من غير مانع لهم من الانكار بل ترغيبهم عليه وذمهم على تركه بل هذا امر واضح لكل عامى حتى النسوان والصبيان لانهم يرجعون فيما لا يعلمون الى العلماء وليس علم كل عامى بان مالا يعلمه من احكام الله يجب اخذه من العالم اضعف من علمه بوجوب الصلوة وكونها مثلا اربع ركعات ويدل عليه ايضا انه لا شك ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مبعوث على العالم والعامي وليس بعثه مقصورا على العلماء وان احكامه مقررة للفريقين من غير تفرقة بينهما ولا شك ايضا انه لم يقرر هذه الاحكام لكل احد حتى من لم يتمكن من الوصول إليها وتحصيلها بعد السعي والاجتهاد ولم يخصصها ايضا بمن وصلت إليه هذه الاحكام من دون سعى وفحص بل اتى بها وامر بالفحص عنها فحصا تاما بمعنى انا امرنا بالفحص عن احكام الرسول بل وجوب هذا الفحصمما يحكم به العقل القاطع فمن وصل إليه بعد الفحص فهو حكمه والا فهو معذور فكل من العلماء والعوام بالفحص مأمور وفى تركه غير معذور ثم ان الفحص تارة يكون بالفحص عن مأخذها ومداركها واستنباطها منها بعد فهم المراد منها وعلاج معارضتها ودفع اختلالاتها ورفع شبهاتها ونحو ذلك واخرى بالفحص عمن فعل ذلك ومن البديهيات القطعية ان امر غير العلماء في زمان من الازمنة بالفحص بالطريق الاول يوجب العسر الشديد والحرج العظيم واختلال امر المعاش وتعطيل اكثر الامور سيما بعد مرور الدهور فغير العلماء الذين يسهل لهم الاجتهاد ينحصر طريق فحصهم المكلفين به في جميع الازمنة بالسؤال عمن فحص بالطريق الاول فيكون واجبا عليه وقد يتوهم ان المرجع في التقليد الى افادته الظن وقد بينا فساده في كتاب مناهج الاحكام فوائد الاولى اعلم ان هيهنا مسئلتين احديهما ثبوت ولاية الافتاء للفقيه ووجوب الافتاء عليه كفاية والثانية وجوب التقليد على العامي وكلتاهما متلازمتان وجميع الادلة المذكورة يثبت المسئلتين وادلة لهما المسألة الاولى متضمنة لحكم الفقيه فيجب عليه الاجتهاد فيه والثانية لحكم العامي وحيث لا يجوز له التقليد له في هذه المسألة لاستلزامه الدور يجب عليه فيها الاجتهاد بنفسه ايضا وعمله في تلك المسألة باجتهاده وقد يتكلم فيها الفقهاء لاجل تحصيلهم العلم بحكم العامي والتقرير حال الاجماع فيها بل قد يحتاج الفقيه إليها ايضا حيث يضطر الى التقليد لضيق الوقت عن الاجتهاد ونحوه ثم ان مستند الفقيه في المسئلتين هو الادلة المذكورة باجمعهاواما مستند المقلد ففى الغالب هو الدليلان الاخيران أي دليل الاجماع ودليل بقاء التكليف و اما غيرهما فليس من شأن غالب المقلدين الاستناد إليه لتوقفه على اثبات حجية الاحاد وعلاج المعارضات والاجتهاد في وجوه الدلالات ونحوها الثانية كما يجب على العامي الاجتهاد في هذه المسألة يجب عليه الاجتهاد في تعيين الفقيه الذى يقلده من بين اصناف الفقهاء من الاصولي والاخباري والحى