عوائد الایام-ج1-ص161
أي الخبر في الجملة على الوجه الذى لا يبقى فيه للمنصف الماهر شك وريبة والمتعسف المكابر لا يجديه الف دليل وحجة ولنا على ذلك المطلب الواضح السبيل وجوه من الادلة الدليل الاول انه قد ثبت لك في العائدة السابقة ان مجرى عادة الله سبحانه وحججه الطاهرين (ع) في بيان تكليف العباد وشرح الاحكام لهم على طريقة متعارفهم ومعتادهم وان كلما جرت عليه عادة الناس في الاطاعة والعصيان وعليه مدارهم وبنائهم فهو مبنى الاطاعة والعصيان في احكام اللهسبحانه ولذا يسلكون معهم في استخراج المعاني من الالفاظ مسلك المتعارف في المحاورات ويعد غيره عاصيا وبالجملة الحجة لنا هو العمل العادى أي ما علم اعتباره في عادة الناس ومما جرت عليه عادة الناس طرا من بدو العالم الى هذا الزمان ان كل مطاع في قوم له احكام بالنسبة إليهم بل كل شخص له اشغال وامور مع جماعة لا يطلب منهم في كل واقعة واقعة العلم بل بنائهم على قبول اخبار الثقات سيما مع انضمام بعض القرائن المؤكدة للظن سيما إذا تكثرت الاحكام وتشعبت وتعدد المحكومون وانتشروا هؤلاء السلاطين والامراء والحكام ينفدون الرسل الى البلاد ويكتبون المكاتيب التى هي ايضا اخبار كتبية الى الناس ويريدون العمل بها وباقوال الرسل ويحضرون الناس بارسال شخص واحد لاحضاره ويريدون اجابته ولو لم يقبل يستحق العقاب والمؤاخذة الا مع ضم ما يفيد ظن التزوير أو الفحص عن تحصيل العلم مع امكانه ويعد في العرف ممتثليها مطيعا والراد لها عاصيا مخالفا وهؤلاء التجار بنائهم وعادتهم في المعاشرات والمعاملات على الاخبار القولية والكتبية وهكذا الاصدقاء والاحباب بل على ذلك جرت عادت اهل كل علم وعمل هذه كتب المنجمين مشحونة بالاخبار عما استنبطه واحد بواسطة الارصاد أو التجارب وذاك كتب الاطباء مملوة من الاخبار عن الطبايع والتجربيات وتلك كتب اللغة وكذا كتب علوم الادب متضمنة للاخبار عن القواعد الادبية وبالجملة هذه طريقة مستمرة وعادة مستقرة بين الناس عليها بناء الاطاعة والعصيان بحيث يعلمها كل احد انظر الى انه لو جاء ثقة الى عبد من مولاه بامر امره به فلم يلتفت إليه ولم ينتهض اما للامتثال أوالعلم يذمه العقلاء ويحكمون باستحقاقه العقاب سيما إذا انضم معه خبر ثقة اخرى أو كتاب من المولى بل يعلم قطعا ان جميع الانبياء المبعوثين على العباد كانوا جارين على ذلك المنوال فيأمرون اممهم بواسطة المخبرين الثقات وكذا اوصيائهم كما عليه جرت عادة الحكام واولوا الاحكام وليست عادتهم في ذلك بادون من عادتهم في استخراج المعاني من الالفاظ باصل الحقيقة واصل عدم القرينة وعدم النقل ونحو ذلك بل ليس علمنا بجريان عادتهم على ذلك بادون من علمنا بكثير من البلاد النائية والقرون الخالية ومن كوننا مكلفين باحكام غير ما علم ضرورة من الشريعة بل التشكيك في ذلك كالتشكيك في مقابلة البديهة فان قيل نحن نسلم ذلك ولكن المعلوم لنا من عادة الناس وطريقتهم عملهم مطلقا أو عند سد باب العلم أو عند تكثر الاحكام وتعدد المحكومين بالظن مطلقا لا خصوص الخبر وبالجملة نعلم ان بناء الناس في الاطاعة والعصيان والاوامر والنواهي لا ينحصر بالمعلومات القطعية بل يعملون بالظنون القوية اما مطلقا أو مع انسداد باب العلم أو تعسر العلم قلنا مع ان المشاهد من احوالهم والمعاين من عاداتهم هو الرجوع الى الاخبار القولية والكتبية انه لو سلمنا ذلك يثبت المطلق ايضا اما اولا فلان مقصودنا كما ياتي ايضا هو الاخبار المفيدة للظن