عوائد الایام-ج1-ص158
منسدا وبعد انسداد باب العلم بالحكم فيها وبقاء التكليف فيها فلا مناص لنا من العمل في هذه الواقعة بشئ اخر غير العلم وليس هو الاحتياط بحكم المقدمة الرابعة لدوران الحكم فيها بين الوجوب والحرمة باجماع الامة فهو اما مطلق الظن به كما يقتضيه قول العاملين بالظن من ان بعد سد باب العلم وبقاء التكليف يجب العمل بالظن أو ظن مخصوص أو امارة خاصة يثبت خصوصيتها أو التخيير أو الاصل ليس الا إذ لا يوجد شئ آخر يمكن استنباط حكم هذه الواقعة منه أو يستند إليه فيها وعلى جميع التقادير ثبت جواز العمل بالاخبار اما على التخيير أو العمل بالاصل في هذه الواقعة فظاهر واما على العمل بالظن مطلقا أو الظنون الخاصة فبحكم المقدمة الخامسة اما الظن المطلق فظاهر واما الخاص فلانه ليس ظن خاص يصلح لاستنباط حكم الخبر عنه الا الاخبار أو الاشتهار أو الاجماع المنقول ومقتضى الكل حجية الخبر بل وكذا الكتاب لان آية النبأ يدل عليها بمفهوم الوصف الذى هو مفيد للظن وان اختلفوا في حجيته فان قلت ادعى السيد الاجماع على عدم حجيته قلنا مع انه ليس الا على نفى حجية الخبر الواحد من حيث انه خبر واحد أي مطلق الخبر لاالخبر المطلق كما هو مقصودنا ان غاية الامر معارضته مع الاجماعات المنقولة على الحجية فيتعارضان ولا يحصل الظن بواسطة الاجماع المنقول فيرفع اليد عنه ويرجع الى ساير طرق الظن فان قيل الايات المانعة عن العمل بما ليس يعلم وبالظن تدل على حرمة العمل بالاخبار والكتاب معلوم الحجية فيكون حكم الخبر معلوما لنا وهو حرمة العمل قلنا لا دلالة لشئ من الايات على ذلك اصلا لان ما يتوهم دلالته منحصر في قوله سبحانه ولا تقف ما ليس لك به علم وقوله تعالى ان يتبعون الظن وقوله عز شأنه وما يتبع اكثرهم الا الظن وقوله عز جاره وان الظن لا يغنى من الحق شيئا والاية الاولى خطاب الى النبي صلى الله عليه وآله ولا دخل لها بنا سيما مع تفاوت حالنا فان باب العلم له صلى الله عليه وآله بالوحى والالهام في الاحكام مفتوح ولنا مسدود مع ان المعلوم حجيته لنا من الكتاب ما كان خطابا لنا أو لمن يشملنا ايضا والثانية لا تدل على الحرمة الا باعتبار تضمنها المذمة والمذمة انما وقعت على عدم اتباعهم غير الظن لا على اتباعهم الظن وكذا الثالثة والرابعة لا تدل الا على ان الظن غير مغن عن الحق ولا دلالة على حرمة العمل فان قولك الهدية لا تسقط الدين لا يدل على حرمة الهدية نعم لو كنا في مقام الاستدلال بالخبر أو الظن على شئ أو كنا نقول ان التكليف باحكام باق لنا ولا بد من استخراجها بالخبر أو الظن لرده الاية بان الظن لا يغنى من الحق واما مطلوبنا فهو جواز الاخذ بالخبر والعمل بما يفيد هذا مع انه لو سلمنا دلالة الايات الثلث على الحرمة لدلت على حرمة اتباع الظن وهو الحالة النفسانية المسماة برجحان احد الطرفينوحرمة اتباعه لا تدل على حرمة اتباع الخبر الذى هو قول اصلا وشتان ما بينهما الا ترى انه يصح ان يقال لا يجوز للقاضى اتباع ظنه في المرافعات ويجب عليه العمل بقول الشاهد فان الظن امر والخبر امر اخر نعم قد يحصل منه الظن وحينئذ يكون هو سببا لحصوله نعم لو كان ينهى عن اتباع مطلق ما يفيد الظن أو كل ما يفيده لجاز ان يقال بشموله للخبر ولكن النهى انما هو عن اتباع الظن فيمكن ان يكون اتباع بعض ما يفيده حجة لخصوصيته أو خصوصية بانضمام افادته الظن أي يتبع الامران فيمكن ان لا يجوز اتباع الظن ويجوز القول أو اتباع الظن والقول معا لا من حيث انه ظن بل من حيث انه خبر مثلا أو خبر وظن معا فان قيل الكتاب وان لم يدل على حرمة العمل بالخبر الا ان الاخبار المانعة عن العمل بما ليس بعلم تدل على