پایگاه تخصصی فقه هنر

عوائد الایام-ج1-ص145

مقدمات دليل الانسداد يجرى في احدهما دون الاخر ولا يخفى ان اصل ذلك الاعتراض لا يختص وروده على دليل الانسداد بل يرد على كل دليل يقام على حجية مطلق الظن بل اصله دليل محكم على عدم امكان حجية مطلق الظن كما لا يخفى على الفطن الخبير ثم نختم الكلام في هذا الدليل باعتراض اخر واضح السبيل وهو ان من البديهيات ان بقاء التكاليف والاحكام موقوف على فتح باب العلم بها أو ثبوت وجوب الاخذ بامارة أو ظن أي فتح باب ثبوت دليلها أي يجب اما ان يعلم نفس تلك الاحكام أو يثبت لنا مأخذ ودليل لها ولما فرض سد باب العلم فبقآئها موقوف على حجية دليل لنا إذ من الضروريات ان التكليف باحكام غير معلومة بنفسها ولا ثبوت حجية دليل عليها تكليف بما لا يطاق ولذا اتفقوا على سقوط الاحكام عمن لم يتمكن من تحصيلها كمن وقع في بادية أو في قرية في اقصى العالم وبالجملة توقف ثبوت بقاء التكاليف بعد سد باب العلم على ثبوت حجية دليل عليها من بديهيات العقل ولا شك ان ثبوت حجية الظن بهذا الدليل موقوف على ثبوت بقاء التكليف ايضا إذ لولاه لما ثبت وهذا دور واضح لا شك فيه الدليل الثاني من ادلة القائلين بحجية كل ظن انه لو لم يجب العمل بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح فيجب ترجيح الراجح الذى هو المظنون وهو المطلق ويرد عليه وجوه كثيره منذكرناها في كتبنا ونقتصر هنا على وجهين يكفيان لطالب الحق الوجه الاول ان أي ضرورة في الترجيح حتى يلزم ترجيح المرجوح وتوضيحه انه لو وجب ترجيح احد الطرفين ويلزم ترجيح البتة فلا يجوز ترجيح المرجوح واما لو لم يجب ذلك ولم يرتكب الترجيح فلا يلزم ترجيح مرجوح فان قلت الترجيح لازم بوجوب الافتاء في كل مسألة قلنا لم ولماذا يلزم الافتاء وما الدليل عليه وقد مر تفصيله الوجه الثاني ان وجوب ترجيح الراجح وقبح ترجيح المرجوح عند وجوب الترجيح يستند عندك الى دليل شرعى والى حكم الشارع أو لاجل حكم العقل بذلك فان كان مستندك فيه الدليل الشرعي فوجوده ممنوع وليت شعرى أي دليل شرعى يدل عليه وان كان الدليل العقلي كما هو كذلك فيجب ان يكون التخلف عنه محالا مع انا نشاهد ان كثيرا من علمائنا الاعلام نفى حجية بعض الظنون كظن الشهرة أو الحاصل من الاجماع المنقول أو من الاستقراء لاجل عدم دليل على حجيته ولم يضر موردا للقبح والمقدمة اصلا ولم يقبحه احد فمن اين لو تركت مظنونك تصير للقبح موردا بل نقول هذا كيف قبيح عقلي امر الشارع الحكيم بارتكابه في موارد عديدة منها في الظن الحاصل من القياس فامر بتركه و منع عن العمل بالراجح وصدر عن بعض الطلبة في ذلك المقام لرد كلامي هذا بعدما رآه كلام عجيب قال بمنع حصول الظنمن القياس ونحوه بكون مقتضاه حكم الله بالنسبة الى من دل الدليل القطعي على حرمة عمله به وان كان الحكم الواقعي مظنونا بواسطته فمثل القياس والادلة المانعة من العمل به كمثل قول الطبيب العالم الرؤف العادل إذا قال ان المقدار الكذائي من هذا السم مقتض لهلاك شاربه مع قوله لشخص اشربه فكما ان من قوله الاول يحصل الظن بهلاكة هذا المأمور بشربه ومن قوله الثاني يرتفع ذلك الظن ويكشف امره بالشرب بضميمة عدم ارادة هلاكه عن كون مزاجه غير ساير الامزجة أو اخباره برفع اذيته عنه لقدرته على ذلك فكذلك القياس والادلة المانعة اقول اولا انه ان كان غرضك ان من القياس مع قطع النظر عن منع الشارع لا يحصل الظن بحكم الله فاى ضرورة في ذلك الطول والتفصيل بل يكفيه ان يقول لم يكن يحصل الظن من القياس ابدا وظاهر ان ذلك مما لا يقول به احد وحصول الظن بالواقع من كثير من افراد القياس بديهى