عوائد الایام-ج1-ص143
قلنا كان كلامنا اولا معك في ذلك ايضا وكنت تقول لما اثبتنا حجية الظن بالواقع فلا ناخذ بهذا الظن فلم صارتالقضية بالعكس حينئذ وايضا اثبت حجية الظن بالواقع قطعا فلم تتركه وايضا انت اثبت حجية كل ظن فكيف تأخذ بدليل ظنى ظن المنع منه فان قيل لو دل دليل ظنى على المنع من العمل بظن لا يبقى الظنان معا بل يتعارضان ويبقى الاقوى منهما قلنا ذلك من غرائب الاقوال فانه لو شهد عندك ثلثة عدول من العلماء الصلحاء بان رأينا زيدا يزنى بهند وشاهدناه كالميل في المكحلة فلا يحصل لك الظن بزنآء زيد من جهة ان الشارع نهى عن العمل بشهادة ثلثة شهود في الزنآء ولو كان كذلك فما معنى اللوث في القسامة وكذا ما معنى ما يقوله الفقهاء في كثير من المواضع انه يشترط فيه العلم ولا يعتبر الظن فانه يرتفع الظن و يلزمك انك إذا قلت باشتراط مضى العمر الطبيعي في الحكم بموت الغائب لا يحصل لك الظن بموته ابدا بل كنت ابدا اما عالما بحياته أو بموته وإذا لاحظت آية النباء لم يحصل لك الظن من خبر الفاسق ابدا ومن لا يقول بحجية الشهرة لا يحصل له منها الظن و وفساد ذلك اظهر من الشمس وابين من الشمس وان كان المراد الاحتمال الثالث أي حجية كل ظن لم يكن على المنع منه دليل مطلقالا قطعي ولا ظنى يلزم منه عدم حجية ظن لم يكن على حجيته بخصوصه دليل إذ الآيات الكثيرة والاخبار العديدة والاجماعات المنقولة صريحة في عدم حجية الظن كما ذكرناها في كتبنا المبسوطة وهذه ادلة ظنية على عدم حجية كل ظن خرج عن تحتها ما خرج بالدليل العلمي فيبقى الباقي فان قيل لا يحصل منها الظن قلنا كيف يحصل لك في غير ذلك الموضع من اجماع منقول واحد أو شهرة أو آية واحدة أو خبر واحد أو قول من يقول التأسيس اولى من التأكيد الظن وتحكم بمقتضاه ولا يحصل من جميع هذه الايات والاخبار والاجماعات المنقولة والشهرة العظيمة مع عدم مانع لها ان هذا الشئ عجاب فان قيل المانع منها موجود وهو دليل حجية كل ظن قلنا انت اعترفت بان الثابت منه حجية ظن لم يكن دليل ظنى ايضا على المنع منه وهى ادلة ظنية على المنع فلا تعارض بينها وبين ذلك الدليل الا ترى انه لا يعارض قوله عليه السلام كل شئ طاهر حتى تعلم انه قذر مع دليل نجاسة شئ مطلقا ولو كان يقول كل شئ طاهر كان يعارض مع كل دليل نجاسة فلو كان مقتضى دليلك ان كل ظن حجة كان معارضا ولكنك قلت ان مقتضاه ان كل ظن حجة حتى يدل دليل علمي أو ظنى على عدم حجيته فان قيل الدليل القطعي على عدم حجية تلك الايات والاخبار والاجماعات موجود وهو انه يلزم من حجيتها عدم حجيتها لانها ايضا لا تفيد ازيد من الظن قلنا اولا ان الظاهر والمتبادر من امثال الكلام ارادة غيره الا ترى انه لو قال مولى لعبده ان لا تعمل بشئ مما امركبه اليوم يفهم منه كل احد غير ذلك الكلام وكذا ذلك العبد ولا يعمل بامر اخر وثانيا انا سلمنا شمولها لانفسها ايضا ولكن نقول انه إذا كان هناك عام دل دليل قطعي على بطلان عمومه تتركه بالمرة أو تقتصر على ما اخرجه الدليل فان قلت نتركه بالمرة فانت كاذب قطعا لان العام الفحص حجة عندك والا لم يكن لك حجة من كتاب أو سنة انما من عام الا وقد خص وان قلت اقتصر على قدر اخرجه الدليل فنقول لا شك انه لو خصت تلك الايات والاخبار بغير انفسها كانت صحيحة ولا يلزم عليها نقض ولو شملت لانفسها يلزم من جواز العمل فيها عدمه فالعمل بعمومها غير ممكن قطعا ولكن أي مانع في العمل بها في غير انفسها وما الدليل القطعي أو الظنى على بطلانها فيه وذلك بين جدا ولما كان اصل ذلك الاعتراض مما ذكرته في كتبي المبسوطة تصدى بعض الطلبة لذكر جواب له فقال ان مقتضى هذا الدليل أي دليل الانسداد حجية الظن الذى