ریاض المسائل (ط.ج)-ج7-ص478
وإنما غايتهما أنه ليس عليهم بعد الجزية شئ، فإذا جعلها الامام على رؤوسهم فليس عليهم بعد هذ الجزية شئ اخر غيرها على أموالهم وبالعكس، لا أنه ليس للامام أن يقسط عليهما مثلا، ولا تعرض لهما فيهما بنفي أو إثبات أصلا.
فينبغي الرجوع فيهما إلى مقتضى الاصول والعمومات، وهو الجواز مطلقا، كما قدمنا.
ثم إنه ليس في المتن وعبائر كثير تقييد الجواز بالابتداء، وقيده به في الشرائع (1)، معربا عن عدم الخلاف بالمنع في غيره.
وظني أن المراد به الاحتراز عما لو تصالح ابتداء معهم على جزيةرؤوسهم أو أراضيهم أحدهما فلا يجوز له أخذ جزية اخرى، ولو موضوعة على غير ما وضع عليه الاخرى، كما تقدم التصريح به في المنتهى (2)، ونحوه الفاضل المقداد في شرح الكتاب.
فقال بعد نقل القولين مع الدليل من الطرفين: والاقوى أن نقول إذا اتفقوهم والامام على قدر معين، فأراد الامام بعد ذلك تقسيطه على الرؤوس والاموال جاز، وأما إذا أراد جعل جزية اخرى على الارض فلا يجوز للرواية (3).
وأشار بها إلى الصحيحين.
أقول: وفي دلالتهما على ذلك أيضا نظر، يظهر وجهه مما مر.
وفي المسالك: أنه أحترز بذا القيد عما لو وضعها على رأس بعضهم وعلى أرض بعض اخر، فانتقلت الارض التي وضعت عليها إلى من وضعت على رأسه، فإنه يجتمع عليه الأمران، لكن ذلك ليس ابتداء، بل بسبب
(1) شرائع الاسلام: كتاب الجهاد في الجزية ج 1 – 2 ص 328.
(2) منتهى المطلب: كتاب الجهاد في أحكام أخذ الجزية ج 2 ص 966 س 29.
(3) التنقيح الرائع: كتاب الجهاد في الجزية ج 1 ص 576.