ریاض المسائل (ط.ج)-ج4-ص443
وبها يجمع بين كل من النصوص المتقدمة الآمرة بالقصر أو الاتمام بحمل الامر الاول على الرخصة، ويكون المراد من النهي عن التمام فيها: إلا بنية الاقامة: النهي عنه بقصد الوجوب، يعني: لا يكون واجبا إلا بها.
والامر الثاني على الفضيلة.
وأما حمله على صورة قصد الاقامة، وكذا ما قدمناه من النصوص على التخيير مع أفضلية التمام – كما عليه الصدوق – فبعيد في الغاية، سيما فيما دل منها على الامر بالتمام بمجرد المرور أو الدخول ولو صلاة واحدة، فإنها ناصة في صورة غير قصد الاقامة.
وكذا حمله على التقية وان أشعر به الصحيحان المتقدمان سندا للصدوق، لان إيجاب التمام على ما هو مقتضى الامر ليس مذهبا لاحد من العامة، لانهم ما بين موجب للقصر مطلقا، وهم اكثرهم، ومنهم.
أبو حنيفة.
ومخير بينه وبين القصر كذلك، وهو الشافعي وغيره.
ومنه يظهر: أن حمل أوامر التقصير على التقية أولى كما صرح به جماعة من أصحابنا، لاتفاقهم على جواز القصر، مع اشتهار مذهب أبي حنيفة قديما وحديثا فتأمل.
وأما الصحيحان.
فالظاهر منهما – بعد ضم أحدهما ألى الآخر: أن الامر بالاتمام إنها هو بعد مضي خمسة أيام لا مطلقا، ولا ريب أنه للتقية، فإن الاكتفاء بها في أيام الاقامة وهو مذهب الشافعي، وهو لا يجري في الاخبار الآمرة بالتمام ولو في يوم الورود من غير الاقامة، ومع ذلك فهما معارضان بما دل على أن الامر بالتمام ليس للتقية، وأنه مخالف للعامة، وهو الصحيح: قلت لابي الحسن – عليه السلام -: إن هشاما روى عنك أنك أمرته بالتمام في الحرمين، وذلك من أجل الناس، قال: لا، كنت أنا وآبائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس (1).
هذا، ولكن يستفاد من جملة من النصوص: اشتهار التقصير ما لم ينو المقام
(1) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب صلاة المسافر ح 6 ج 5 ص 544، وفيه اختلاف يسير.