ریاض المسائل (ط.ج)-ج4-ص35
يتخطون الى الجمعة من بعد، فأحب الله – عز وجل – أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا إليه، ولان الامام يحبسهم للخطبة وهم ينتظرون للصلاة، ومن انتظر للصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام، ولان الصلاة مع الامام أتم وأكمل، لعلمه وفقهه وفضله وعدله، ولان الجمعة عيد، وصلاة العيد ركعتان، ولم تقصر لمكان الخطبتين (1).
وفيه وجوه من الدلالة: منها: ظهوره في لزوم اتصاف إمام الجمعة بأوصاف لا يشترط ما عدا العدالة: منها: في إمام الجماعة بلا شبهة.
ومنها: جعل الجمعة كالعيد، ويشترط فيه اللامام إجماعا – كما يأتي إن شاء الله تعالى – فكذا الجمعة.
ومنها: دلالته على وجوب تخطي الناس إليها من بعد، ولا يكون ذلك إلا بكونها منصب شخص معين يجب تخظيهم إليه، لادائها.
ولا معنى لذلك ولا وجه لو كان إمامها مطلق إمام الجماعة، كما لا يخفى على من تدبره.
وبهذا الوجه يمكن الاستدلال على الاشتراط بالصحاح الدالة على وجوب شهود الجمعة على جميع المكلفين إلا من كان على رأس فرسخين.
ومنها: إطلاق الامام فيه المنصرف – كما عرفت – الى المعصوم عليه السلام، مع وقوع التصريح به فيه في موضع آخر منه، فقال: إنما جعلت الخطبة يوم الجمعة، لان الجمعة مشهد عام، فأراد أن يكون للامير سبب إلى موعظتهم وترغيبهم في الطاعة، وترهيبهم عن المعصية، وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم، ويخبرهم بما ورد عليه من الافات، الحديث (2).
وفي القوي – المروي صحيحا أيضا كما قيل (3): تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين، ولا تجب على أقل، منهم: الامام وقاضيه والمدعي حقا والمدعى
(1) علل الشرائر: ب 179 في علة الغيبة ح 9 ج 1 ص 264.
(2) علل الشرائع: ب 179 في علة الغيبة ح 9 ج 1 ص 265.
(3) والقائل هو صاحب مصابيح الظلام (خطي): كتاب الصلاة في صلاة الجمعة ج 1 ص 65 س 1.