ریاض المسائل (ط.ج)-ج2-ص52
المعارج نفسه، ومما يؤكد هذا الاستظهار هو التوافق بين عدد أبواب المعارج وبدايته وأبواب هذا الكتاب وبدايته.
ومهما يكن من أمر فإن في كتاب المعارج كفاية للوقوف على التراث الاصولي للمحقق الحلي – رحمه الله – وقيمة هذا التراث ودوره في تنمية علم الاصول وتطويره وتكامله.
ورغم أن عمر الفكر الاصولي للشيعة الامامية لم يكن في ذلك الحين عمرا ” طويلا فإن قراءة سريعة لكتاب المعارج تكشف عن تطور ملحوظ للثقافة الاصولية عند الشيعة الامامية، كما تكشف عن نضج الفكر الاصولي لدى المحقق الحلي ولابد أن ننظر نظرة سريعة في الاشواط التي قطعها علم اصول الفقه عند الشيعة الامامية قبل المحقق الحلي لنستطيع أن نقيم بصورة صحيحة الجهد العلمي الذيبذله المحقق في هذا الاثر القيم المعارج فقد كان علم اصول الفقه في الوقت الذي صنف فيه المحقق الحلي كتاب المعارج يقطع أشواطه الاولى من الناحية التاريخية، ومع ذلك فنحن نجد في هذا الكتاب وفيما بلغه الجهد الفكري في الاصول عند الامامية مرحلة متقدمه ومتطورة نسبيا ” في ذلك الوقت.
فالمعروف تاريخيا ” أن الفكر الاصولي عند الشيعة الامامية ظهر بعد الغيبه الكبرى عام 329 ه، وذلك لقرب الفقهاء من مصادر تعليمات أهل البيت عليهم السلام وإمكانية الاتصال المباشر بأئمة أهل البيت عليهم السلام أو بوكلائهم القريبين منهم واستعلام فتاواهم بصورة دقيقة، ولذلك فقلما كانت تحصل الحاجة إلى القواعد الاصولية لا ستنباط الحكم الشرعي.
وكان أئمة أهل البيت عليهم السلام قد بينوا للفقهاء بعض القواعد والاصول العامة للاستنباط التي تمكن الفقيه من فهم الحكم الشرعي أو الوظيفة الشرعية والعقلية عند فقدان النص، وذلك كأدلة البراءة الشرعية وأدلة الاستصحاب والروايات العلاجية الواردة في علاج النصوص المتعارضة وما أشبه ذلك، ولم تك