ریاض المسائل (ط.ج)-ج1-ص97
ساحة هذا الصراع الفقهي بين المدرستين الذي انتهى إلى بروز المدرسة الاصولية وانحسار المدرسة الاخبارية.
ولا بد أن نذكر في تاريخ هذا الصراع أن الشيخ يوسف مؤلف ” الحدائق ” بدأ يحس بأن تعمق هذه الفجوة بين المدرستين داخل المدرسة الفقهية الامامية وتوسيع رقعة الخلاف لا يعود على التشيع بغير الخلاف والاضعاف، والمسألة من حيث الاساس لا تستحق كل هذا الاهتمام، ولا يجوز شق فقه أهل البيت إلى مدرستين متصارعتين حول هذه المسألة، وان الامين الاسترآبادي قد غالى كثيرا وأفرط في تعميق الخلاف والتهجم على فقهاء الشيعة الذين لم يكونوا على رأيه ومذهبه من أمثال العلامة الحلي رحمه الله، وليس كل ما قاله الاخباريون حق، وليس كل ما قاله الاصوليون في محاور الخلاف باطل.
وأحس الشيخ يوسف من هذا المنطلق بمسؤولية شرعية من تضييق رقعة الخلاف وإزالة الحواجز التي اقيمت داخل هذه المدرسة بين هاتين الفئتين، فبدأ يعمل بموجب هذا الوعي وهذه المسؤولية التي أحس بثقلها على كا هله لتضييق شقة الخلاف وازالة الحواجز ونقد التطرف الاخباري في الموقف تجاه المدرسة الاصولية والمجتهدين.
وبدأ رحمه الله يميل إلى مدرسة الاصوليين بشكل أو بآخر.
فاستمع إليه رحمه الله في المقدمة الثانية عشر من مقدمات ” الحدائق ” يقول: وقد كنت في أول الامر أنتصر لمذهب الاخباريين وقد أكثرت البحث فيه مع بعض المجتهدين من مشايخنا المعاصرين، إلا أن الذي ظهر لي بعد إعطاء التأمل حقه في المقام وإمعان النظر في كلام علمائنا الاعلام هو اغماض النظر عن هذا الباب وارخاء الستر دونه والحجاب، وان كان قد فتحه أقوام وأوسعوا فيه دائرة النقض والابرام.
أما (أولا) فلا ستلزامه القدح في علماء الطرفين.
وأما (ثانيا) فلان ما ذكروه في وجوه الفرق بينهما جله بل كله عند التأمل