پایگاه تخصصی فقه هنر

ریاض المسائل (ط.ج)-ج1-ص47

والظاهرة الثالثة من ملامح هذا العصر هو ظهور الفقه المقارن أو الخلافي.

فحينما تمركزت مدرسة أهل البيت في الفقه في بغداد برزت المسائل الخلافية بصورة حادة، وأدى ذلك إلى اختلاف الفقهاء وبروز المسائل الخلافية في الفقه وأصوله بشكل مثير للانتباه، ومثير للخلاف، وكان للعامل السياسي دور مؤثر في ذلك، ومهما يكن من أمر، ومهما كانت الدوافع السياسية التي كانت تثير هذة المسائل، فقد أدى ذلك إلى خصوبة البحث الفقهي، فالخلاف قد يؤدي إلى الخصوبة، لا العقم، ويدل على خصوبة الذهنية لا عمقها.

وكان من آثار ظهور الخلاف بين الفقه الامامي والمذاهب الفقهية الاخرى واتساع رقعة الخلاف بينها أن تفرغ فقهاء الشيعة لبحث المسائل الخلافية بصورة موضرعية وبشكل مسهب.

وظهر هذا النوع من البحث الفقهي لاول مرة في هذا العصر على يد المفيد والمرتضى والطوسي.

وتوسع الشيخ الطوسي بشكل خاص لدراسة هذا الجانب من البحث الفقهي في كتابه الكبير ” الخلاف ” تناول فيه المسائل الفقهية الخلافية بين الشيعة والسنة في مختلف أبواب الفقه، وتعرض في كل مسألة لما يسند الجانبين من الادلة، وناقش آراء هذه المذاهب في كثير من المسائل.

والكتاب – رغمقدمه – قيم لا يستغني عنه فقيه.

وكان من هذا القبيل استعراض المسائل التي تنفرد فيها الشيعة برأي والاستدلال له والانتصار لمذهب أهل البيت فيها.

وفي هذا الفن من فنون الفقه كتب السيد المرتضى كتاب ” الانتصار ” ويقال له ” متفردات الامامية ” صنفه للوزير عميد الدين في بيان الفروع التي شنع على الشيعة بأنهم خالفوا فيها الاجماع.

ومن هذا القبيل أيضا كتاب ” الاعلام فيما اتفقت الامامية عليه من الاحكام مما اتفقت العامة على خلافهم فيه ” للمفيد، ألفه بطلب تلميذه المرتضى.