پایگاه تخصصی فقه هنر

ریاض المسائل (ط.ج)-ج1-ص43

وكان في هذه الفترة يعيش تجربة تطوير البحث الفقهي والاصولي في ظل أستاذيه الكبيرين، وكانت فترة مخاض تمخضت عنها المدرسة الفقهية الجديدة.

وفترة المخاض عادة تقترن بكثير من الاضطراب والقلق الفكري وعدمالاستقرار.

عاش الشيخ مخاض هذه المدرسة في حياة استاذيه الكبيرين وعانى ما تتطلب هذه الفترة من جهد وتعب.

واستمر بعد استاذيه في تطوير المدرسة بعد أن بلغت في حياة المرتضى دور المراهقة، وتسلم الشيخ المدرسة عن استاذه المرتضى في هذا الدور.

ولا يختلف هذا الدور فيما يصيب القائمين بها من تعب وجهد، واضطراب فكري دائم، وعدم استقرار عن دور المخاض.

وكذلك كانت حياة الشيخ الطوسي في مرحلتي التلمذه والتدريس سلسلة طويلة من المحاولات التجديدية لتطوير الفقه وصياغته من جديد، وتجديد اصول الصناعة والصياغة والاستدلال فيه.

ولاقى الشيخ الطوسي في سبيل ذلك كثيرا من التعب والجهد وأعانه على ذلك صبره على العمل، ومواصلته للتأليف والتدريس والتفكير، ومؤهلاته الفكرية الخاصة، ونبوغه الذهني، وعناية أستاذيه به، وتوفر الكتب لديه.

وقد أنعم الله على شيخنا الطوسي بهذه النعم كلها، فقد كانت في متناولالشيخ مكتبتان كبيرتان يستعين بهما في التأليف والمطالعة والالمام بأمهات الكتب الفقهية: إحداهما (مكتبة الشيعة) التي أنشأها أبو نصر سابور بن اردشير وزير بهاء الدولة البويهي، جمع فيها ما تفرق من كتب فارس والهند واستكتب تآليف أهل الهند والصين والروم، وأهدى إليها العلماء كتبهم، فكانت من أغنى مكاتب بغداد، وقد أمر بإحراقها (طغرل بيك) فيما أحرق من مؤسسات الشيعة وبيوتهم ومدارسهم في الكرخ.