الرسائل الفقهیة-ج1-ص38
، ولو رجع إلى غيره يكون (1) آثما بالبديهة، مع أنه فساد أو هلاك دنيوي، فكيف لا يرجع إلى أطباء الأديان ؟ مع أن خطأه فساد أخروي وهلاك سرمدي ! فتأمل.
فإن قلت: قد ورد في بعض الأخبار حكم الشارع بصحة عبادة الجاهل، حيث سأله بأنه فعل كذا وكذا، فأجاب بما دل على الصحة (2).
قلت: هو كما هو ظاهر في الصحة كذلك ظاهر في عدم وجوب العلم والمعرفة، حيث ما أنكر عليه أصلا، بل ولا عاب (3) عليه مطلقا، بل وقرره على ذلك، فما هو جوابك عن هذا فهو الجواب عن ذلك.
على أنه لا شك في أن العبادات ليست مما يمكن معرفتها من لغة أو عرف أوعقل، إذ ليس لأمثال هذه الامور طريق إليها أصلا وقطعا، ولا يمكن جعلها واختراعها عند أدائها على حسب ما هو الواقع (4).
بل لابد من أنه إما تقليد من الراوي، أو اجتهاد من العمومات الشرعية، وهذا الاجتهاد صحيح ألبتة، سيما بالنسبة إلى ذلك الزمان.
وأما التقليد، فربما يكون فاسدا، وربما يكون صحيحا، فمن أين ثبت كون فعل الراوي تقليدا فاسدا حتى تستدلون به على أن الأصل في أفعال المسلمين الحمل على الصحة ؟ ! بل الظاهر من حال هؤلاء الرواة عدم التقليد أصلا، فضلا عن أن يكون تقليد امرأة أو عامي جاهل، بل ربما يحصل بالتأمل العلم بأنه لم يكن كذلك.
(1) في الف، ب، ج، ه: (فيكون).
(2) لاحظ ! تهذيب الأحكام: 5 / 72 الحديث 239، وسائل الشيعة: 12 / 488 الحديث 16861.
(3) الف، ب، ج، د: (عاتب).
(4) في الف: (حسب ما هو في الواقع).