الرسائل الفقهیة-ج1-ص6
الظهور وافقنا جماعة من العامة، سيما الأشاعرة (1).
ومن قديم الأيام إلى حديثه امتلأت الطوامير، وتوافرت الأساطير من التشاجر بيننا وبين من خالفنا، حتى أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) شغلهم وديدنهم كان المخاصمة مع خصمهم في ذلك، في حضور الأئمة (عليهم السلام) وغيبتهم (2) في الأعصار والأمصار، بل الأئمة (عليهم السلام) بأنفسهم كانوا يباحثون مع خصمهم (3)، ويلقنون الشيعة هذه المخاصمة، ويعجبهم مخاصمتهم في ذلك (4)، بل ربما يظهر أن ذلك عمدة السبب في الاحتياج إلى الحجة في كل زمان.
هذا كله مضافا إلى ما ورد في الكتاب والسنة متواترا من النهي عن العمل بغير العلم (5)، والعمل بالظن (6) والتقليد (7)، ولا شك أن قول المجتهد داخل في الكل، مع أن الأصل عدم حجية غير العلم، سيما في الأحكام الشرعية، لما فيها من الخطر العظيم، والضرر الجسيم، ولذا شددوا الأمر فيها غاية التشديد، وأكدوا نهاية التأكيد، كما لا يخفى على المطلع.
مع أن هذا الأصل مسلم عند الأخباريين والمجتهدين، حتى عند العامةأيضا (8)، ولذا في اصول الفقه في كل موضع يتمسكون بظن يطالبون بدليل
(1) لاحظ ! شرح المواقف للأيجي: 8 / 263 – 267، شرح المقاصد للتفتازاني: 5 / 49 – 52.
(2) لاحظ ! الكافي: 1 / 169 – 173 الحديثين 3 و 4.
(3) انظر ! عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 207.
(4) لاحظ ! الكافي: 1 / 186 – 171 الحديثين 2 و 3.
(5) في ب: (بغير علم وغير الحق)، وفي ج: (بغير الحكم).
(6) لاحظ ! الأنعام (6): 119، الإسراء (17): 36، النجم (53): 23 و 28، بحار الأنوار: 2 / 111 الباب 16.
(7) لاحظ ! البقرة (2): 170، التوبة (9): 31، لقمان (31): 21، الكافي: 1 / 53 باب التقليد، بحار الأنوار: 2 / 81 الباب 14.
(8) لاحظ ! المحصول للرازي: 5 / 104 و 113.