کفایة الاحکام-ج1-ص263
ان يبتدئ لولا بالنظر في حال المحبوسين وانهم هل يستحقون الاطلاق أو البقاء على الحبس ويامر قبل ان يجلس للنظر في امورهم مناديا ينادي على حسب الحاجة الا ان القاضي ينظر في امر المحبوسين يوم كذا فمن له محبوس فليحضر ويبعث إلى المحبس من يثق به واحدا أو اثنين على حسب ما يراه ليكتب اسم كل محبوس وما حبس به ومن حبس له في رقعة منفردة واحضر تلك الرقاع عنده في اليوم الذي جلس لهذا الامر واخذ واحدة واحدة ونظر في الاسم المثبت فيها واحضره مع خصمه وينظر في امرهما ويحاكم بينهما ويحكم بالاطلاق أو الحبس وهكذا في كل رقعة رقعة ولو حضر محبوسا فقال لا خصم لي فانه ينادى في البلد فان لم يحضر له خصم اطلقه وقيل يحلفه مع ذلك ثم ينظر في حال الاوصياء فإذا حضر من يزعم انه وصى نظرا ولا في صحة وصايته فان ثبت قرره إلى ان يطرا ما يزيلها من فسق وغيره فينتزع المال منه وان كان المال كثيرا لا يمكنه القيام بحفظه والتصرف فيه ضم إليه مشاركا يعينه ثم ينظر في تصرفه في المال هل كان على وجه الصواب ام لا ويحكم بمقتضاه ثم ينظر في حال امناء الحاكم المنصوبين لحفظ اموال اليتامى والغيب والتفرقة الوصايا حيث لا وصي لها ومن وضع عنده وديعة أو مال محجور عليه فمن تغير حاله بطريان فسق استبدل به وبضعف استبدل به أو ضم إليه مشاركا يعينه ثم ينظر في الضوال واللقطة فيبيع ما يخشى تلفه وما يستوعب نفقته ثمنه وما عرفه الملتقط حولا يسلمه ان كان شئ من ذلك في يد امناء الحاكم ويستبقى ما عدا ذلك محفوظا على اربابها ليدفع إليهم عند الحضور ويحضر من اهل العمل والاجتهاد من يشهد حكمه ليفاوضه ويشاوره وينبهه على خطأ ان كان ويخاوضه ويناظره فيما استبهم من المسايل النظرية وإذا اخطأ القاضي في الحكم في شئ من المسايل الاجتهادية فتلف مال أو نفس بسبب حكمه بعد بذل الجهد في استكشاف الحق فان امكن الاخذ من المتلف لم يبعد ان يقال لزم ذلك والا كان على بيت مال المسلمين لانه لمصالحهم المسلمين وهو مروي عن الاصبغ بن نباتة انه قال قضى أمير المؤمنين ( ع ) ان ما اخطأت القضاة في دم أو قطع فهو في بيت مال المسلمين وإذا تعدى احد الغريمين سنن الشرع علمه خطاه واقتصر عليه اولا فان لم ينته فعل الزجر والتاديب مدرجا بحسب ما يقتضيه المصلحة الشرعية ومن المكروهات ان يتخذ حاجبا لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من ولى شيئا من امور الناس واحتجب دون حاجتهم و ( فاقتهم صح ) احتجب الله دونه حاجته وفاقته ونقل الشيخ فخر الدين عن بعض الفقهاء القول بالتحريم عملا بظاهر الحديث وقربه مع اتخاذه على الدوام بحيث يمنع ارباب الحوائج ويضربهم واستحسنه بعض الاصحاب وهو حسن وانما الكراهة عند عدم العلم بكون ذلك يوجب استمرار الظلم وتفويت بعض الحقوق وتاخير رد الحق إلى مستحقه ونفى الشهيد الثاني الكراهة لغير القاضي وبعض عباراتهم يدل على اختصاص الكراهة بحال القضاء واختلف الاصحاب في القضاء في المسجد فذهب الاكثر منهم المحقق في موضع الشرايع إلى الكراهة مطلقا وذهب جماعة منهم الشيخان في النهاية والمقنعة واتباعهما وابن ادريس إلى الاستحباب مطلقا وفي المبسوط الاولى جوازه وفي المختلف لا يكره وذهب المحقق في موضع من الشرايع والعلامة في احد قوليه والشهيد في احد قوليه إلى كراهة الدائم منه دون المتفرق وقال بعضهم لا يكره مطلقا بل انما يكره انفاذ الاحكام مثل الحدود والتعزيرات وغيرهما حجة الاول الاخبار الكثيرة الدالة على ان المسجد انما بني لذكر الله وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله جنبوا المساجد صبيانكم ومجانينكم وخصوماتكم ورفع اصواتكم مضافا إلى بعض الاعتبارات وحجة الثاني ان المسجد اشرف البقاع والقضاء من افضل الاعمال ولا ينافيه وضع المسجد لذكر الله لان القضاء من جملته لان الذكر اعم من القول وللتامل فيه مجال وحجة القول الرابع الجمع بين ما ذكر وما روي ان عليا كان يقضي بمسجد الكوفة ودكة قضائه معروفة إلى الان وهذه حجة من نفي الكراهة مطلقا وهي غير دالة عليه لعدم استفادة الدوام منها فالقول الرابع غير بعيد ويكره ان يقضي وهو غضبان للرواية وخص بعضهم الغضب بما إذا لم يكن لله وفي بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله لا يقضي الا وهو شعبان وريان وفي حديث اخر لا يقضي وهو غضبان مهموم ولا مصاب محزون وفي وصية علي ( ع ) لشريح ولا تقعدن في مجلس القضاء حتى تطعم ومن هذه الاخبار وما يماثلها فهموا كون المقصود تمكنه من استيفاء الفكر واعتدال الطبع على وجه لا يحصل للنفس اضطراب وتشويش فحكموا بتعدي الحكم إلى كل امر يوجب تغير الخلق وتشويش الفكر من الجوع والشبع والعطش والمرض والهم والغم والخوف المزعج والحزن والفرح الشديدين وغلبة النعاس والملال ومدافعة الاخبثين ونحو ذلك ولو قضى والحال هذه نفذ حكمه إذا كان حقا وقد عد من المكروهات ان يتولى البيع والشراء لنفسه لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله ما عدل والي اتجر في رعيته ابدا وفي معناهما الاجارة والاستيجار وساير المعاملات وعد منها تولية الحكومة لنفسه وهو ان يقف مع خصمه لو حصل له منازع في الحكومة عند قاض اخر غيره بل يوكل من يخاصم عنه لبعض الروايات والتاسي بامير المؤمنين ( ع ) حيث وكل عقيلا في خصومة مضافا إلى ان ذلك لا يناسب ذا المروات وعد منها استعمال الانقباض المانع من اللحن بالحجة واللين الذي لا يؤمن معه جرأة الخصوم وتعيين قوم للشهادة وقيل بالتحريم ومنها ضيافة احد الخصمين دون الاخر لرواية السكوني وعد منها الشفاعة في اسقاط أو ابطال وتوجه الخطاب إلى احدهما دون الآخر مسائل الاولى المعروف من مذهب الاصحاب ان الامام يحكم بعلمه مطلقا لعصمته المانعة من تطرق التهمة وعلمه الكامل وفي الايضاح صرح بدعوى اتفاق الامامية على ان الامام يحكم بعلمه واختلفوا في غيره من الاحكام فالاشهر انه يحكم بعلمه ايضا مطلقا وقال ابن ادريس يجوز حكمه في حقوق الناس دون حقوق الله ونقل في المسالك عن ابن الجنيد في كتابه الاحمدي عكس ذلك حيث نقل عنه ويحكم الحاكم فيما كان من حدود الله عزوجل ( بعلمه ) ولا يحكم فيما كان من حقوق الناس الا بالاقرار أو البينة فيكون بما علمه من حقوق الناس شاهدا عند من فوقه كشهادة الرجل الواحد سواء كان ما علمه من ذلك كله في حال ولايته أو قبلها ويظهر من كلام المرتضى ان ابن الجنيد لا يرى قضاء الحاكم بعلمه مطلقا سواء في ذلك الامام وغيره ونقل الاصحاب عنه ان الحاكم لا يحكم بعلمه في شئ من الحقوق والحدود حجة الاول عموم الادلة الدالة على الحكم مع وجود