پایگاه تخصصی فقه هنر

کفایة الاحکام-ج1-ص254

الفصل السابع في احكام المضطر وفيه مسائل الاولى كلما قلنا بالمنع من تناوله فالحكم مختص بحال الاختيار ومع الضرورة يسوغ التناول لقوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه وقوله تعالى فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم وقوله تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم إليه وقد فسر الباغي في الاية بوجوه منها الخارج على امام زمانه ومنها الاخذ عن مضطر مثله بان يكون لمضطر اخر شئ يسدر مقه فيأخذه منه وذلك غير جايز بل ترك نفسه حتى يموت ولا يميت الغير ومنها الطالب للميتة كما ذهب إليه جمع من الاصحاب وقيل العادي الذي يقطع الطريق وقيل الذي يتجاوز مقدار الضرورة وقيل الذي يتجاوز مقدار الشبع وفى بعض الروايات عن الصادق ( ع ) انه قال الباغي الذي يخرج على الامام والعادي الذي يقطع الطريق لا تحل له الميتة وفى سند الرواية ضعف وفى رواية حماد بن عثمان بن ابي عبد الله ( ع ) في قول الله عزوجل فمن اضطر غير باغ ولا عاد قال الباغي الصيد والعادي السارق ليس لهما ان ياكلا الميتة إذا اضطرا هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي على المسلمين وليس لهما ان يقصرا في الصلوة وفى رواية عبد العظيم الحسن عن ابي الحسن عن ابي جعفر ( ع ) في معنى قوله فمن اضطر غير باغ ولا عاد قال العادي السارق والسارقة والباغي باغي الصيد بطرا ولهوا لا ليعود به على عياله ليس لهما ان ياكلا الميتة إذا اضطرا هي حرام عليهما الحديث وفى الطريق ضعف وقوله تعالى في مخمصة اي مجاعة وقوله تعالى غير متجانف لاثم اي غير مايل إلى اثم بان ياكل زيادة على قدر الحاجة أو التلذذ أو غير متعمد لذلك ولا مستحل أو غير عاص بان يكون باغيا على الامام أو عاديا متجاوزا عن قدر الضرورة أو عما شرع الله له بان يقصد اللذة لا سد الرمق الثامنة الاضطرار يحصل بخوف التلف وهل يشترط فيه الظاهر أو يكفي مجرد الخوف فيه اشكال والاقرب انه يلحق بخوف التلف خوف المرض الذي ليس بيسير وكذا زيادته أو طوله وكذا خوف العجز بترك التناول عن المشي أو الضروري أو مضاحبة الرفقة الضرورية حيث يخاف بالتخلف عنهم على نفسه أو عرضه وكذا الخوف على من معه ولا يبعد الحاق المال به على بعض الوجوه بحصول معنى الاضطرار في هذه الصور قال الشيخ في النهاية لا يجوز ان ياكل الميتة الا إذا خاف تلف النفس فان خاف ذلك اكل ما يمسك به الرمق ولا يتملا منه ووافقه جماعة من الاصحاب ولا يجب الامتناع إلى ان يشرف على الموت فان التناول حينئذ لا ينفع ولا يختص جواز تناول المحرم في حال الاضطرار بنوع منه لكن بعض المحرمات يقدم على بعض كما سيجئ الثالثة لا ريب وخلاف في ان المضطر يجوز له ان يتناول قدر سد الرمق يعني ما يحفظ عن الهلاك ولا يجوز له ان يزيد على الشبع اتفاقا وهل يجوز له ان يزيد عن سد الرمق إلى الشبع ظاهر الاكثر العدم وهو حسن ان اندفعت به الحاجة اما لو دعت الضرورة ( إلى الشبع كما لو كان في بادية وخاف ان لا يقوى على قطعها لو لم يشبع أو احتاج إلى المشي والعدو وتوقف على الشبع جاز تناول ما دعت الضرورة صح ) إليه ويجوز التردد منه إذا خاف عدم الوصول إلى الحلال الرابعة هل التناول في موضع الضرورة على وجه الوجوب أو هو على سبيل الرخصة فله التنزه عنه الاقرب الاول لان تركه يوجب اعانته على نفسه وقد نهى عنه في الكتاب والسنة الخامسة إذا تمكن المضطر من اخذ مال الغير فان كان الغير محتاجا إليه مثله فلا يجوز الاخذ عنه ظلما وهو احد معاني الباغي كما سبق ويحتمل عدم جواز الاخذ عنه مطلقا لانه يوجب هلاكه فهو كاهلاك الغير لابقا نفسه والاقرب انه لا يجوز ايثار للغير إذا كان ذلك موجب الهلاك نفسه لقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الاية وقيل يجوز لقوله تعالى ويؤثرون على انفسهم وهو ضعيف لحكم الخاص على العام ولو لم يكن المالك مضطرا إليه وكان هناك مضطر وجب على المالك بذله ان كان المضطر مسلما وكذا ان كان ذميا أو مستامنا على المعروف في كلامهم ولو ظن الاحتياج إليه في ثاني الحال ففى وجوب البذل للمضطر في الحال نظر ولو منع المالك جاز للمضطر الاخذ عنه قهرا بل يجب عليه ذلك بل المقاتلة عليه ولو كان للمضطر ثمن لم يجب على المالك البذل مجانا ولو طلب المالك الثمن حينئذ وجب على المضطر بذله وان طلب زيادة عن ثمن المثل قال الشيخ لا تجب الزيادة ولعل الاقرب الوجوب لارتفاع الضرورة بالتمكن ولو لم يكن للمضطر ثمن ففى وجوب البذل عليه عند القدرة قولان ولو وجد ميتة وطعام الغير فان بذل له الغير طعامه بغير عوض أو عوض هو قادر عليه لم يحل الميتة وان كان العوض اكثر من ثمن المثل على الاقرب وان لم يبذل المالك وقدر على الاخذ منه قهرا أو كان المالك غايبا ففى تقديم اكل الميتة أو مال الغير أو التخيير اوجه السادسة لو لم يوجد الا الخمر قال الشيخ في المبسوط لا يجوز دفع الضرورة بها والاشبه الجواز كما هو مذهب جماعة منهم الشيخ في النهاية ترجيحا لحفظ النفس ويؤيده مرسلة محمد بن عبد الله واختلف الاصحاب في التداوي بالخمر فالاشهر المنع منه مطلقا واطلق الشهيد في الدروس جواز التناول للعلاح كالترياق وجوز ابن ادريس في احد قوليه التداوي به واطلق ابن البراج جواز التداوي به إذا لم يكن عنه مندوحه وقوى الشهيد الثاني الجواز مع خوف التلف بدونه وهو اختيار العلامة في المختلف والاقوى عند الجواز عند الاضطرار وعدم المندوحة عنه لقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم إلى التهلكة ونفي الضرر والاضرار والحرج المنفي ووجوب حفظ النفس عن الهلاك والمضار عقلا ونقلا والاخبار الدالة على المنع محمولة على حال عدم الضرورة جمعا بين الادلة والمعتمد منها من حيث السند حسنة عمر بن اذينة قال كتبت إلى ابي عبد الله اساله عن الرجل ينعت له الدواء من ريح البواسير فيشربه بقدر سكرجة من نبيذ حلب ليس يريد به اللذة انما يريد به الدواء فقال لا ولا جرعة وقال ان الله عزوجل لم يجعل في شئ مما حرم دواء ولاشفاء وصحيحة الحلبي قال سألت ابا عبد الله ( ع ) عن دواء عجن بالخمر فقال لا والله ما احب ان انظر إليه فكيف اتداوى به انه بمنزلة شحم الخنزير وترون اناسا يتداون به وفى هذا الخبر دلالة على جواز التناول حال الاضطرار حيث قال فيه انه بمنزلة شحم الخنزير وباقي الاخبار الدالة على المنع متساوية في ضعف الاسناد ووجه التأويل في الكل واحد واختلف الاصحاب في الاكتحال بالخمر والاكثر على الجواز عند الضرورة وهو الاصح لما مر ولحسنة هارون بن حمزة عن ابي عبد الله ( ع ) في رجل اشتكى عينيه فبعث له كحل يعجن بالخمر فقال هو خبيث بمنزلة الميتة فان كان مضطرا فليكتحل وعن ابن ادريس المنع منه مطلقا ويوافق ( المنع روايتان مخصوصتان بحال الاختبار ص )