کفایة الاحکام-ج1-ص86
عن أبي جعفر (ع) ترجع بالقرآن صوتك فان الله عزوجل يحب الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا وروى معوية بن عمار في الصحيح قال قلت لابي عبد الله الرجل لا يرى انه صنع شيئا في الدعاء وفي القران حتى يرفع صوته فقال لا باس ان علي بن الحسين (ع) كان احسن الناس صوتا بالقران فكان يرفع صوته حتى يسمعه اهل الدار وان ابا جعفر (ع) كان احسن الناس صوتا بالقران فقال إذا قام الليل وقرء رفع صوته فيمر به مار الطريق من السقايين وغيرهم فيقيمون فيستمعون إلى قرائة وفي الفقيه سئل رجل علي بن الحسين (ع) عن شراء جارية لها صوت فقال ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة يعني بقرائة القران والزهد و الفضائل التي ليست بغناء فاما الغناء فمحظور وفي رواية عبد الله بن سنان واياكم ولحون اهل الفسق واهل الكباير وسيجئ من بعدي اقوام يرجعون القران ترجيع الغناء والرهبانية والنوح ولا يجاوز حناجرهم مغلوبة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شانهم وفي بعض الروايات في ذكر اشراط الساعة ويتغنون بالقران وارتكاب التأويل في هذه الاخبار ما عدا الاخيرين بحيث يجتمع مع القول بتحريم الغناء في القرآن يحتاج إلى تكلف بين والشيخ أبو جعفر الطبرسي (ره) قال في كتاب مجمع البيان الفن السابع في ذكر ما يستحب للقاري من تحسين اللفظ وتزيين الصوت بقرأته القران ونقل روايات من طريق العامة حتى نقل رواية عبد الرحمن الثابت قال قدم علينا سعد بن ابي وقاص فاتيته مسلما عليه فقال مرحبا بابن اخي بلغني انك حسن الصوت بالقرآن قلت نعم والحمد لله قال فان رسول الله صلى الله عليه وآلهيقول ان القرآن نزل بالحزن فإذا قرأتموه فابكوا فان لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به فمن لم يتغن بالقرآن فليس منا وتاول بعضهم بمعنى استغنوا به وأكثر العلماء على انه تزيين الصوت وتخزينه انتهى وهذا يدل على ان تحسين الصوت بالقرآن والتغني به مستحب عنده وان خلاف ذلك لم يكن معروفا بين القدماء وكلام السيد المرتضى في الغرر والدرر لا يخلو عن اشكال واضح بذلك وفي الكافي باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن واورد أكثر الاخبار المذكورة وانت تعلم طريقة القدماء وحينئذ نقول يمكن الجمع بين هذه الاخبار والاخبار الكثيرة الدالة على تحريم الغنا بوجهين احدهما تخصيص تلك الاخبار بما عدا القران وحمل ما يدل على ذم التغني بالقرآن على قراءة تكون على سبيل اللهو كما يصنعه الفساق في غنائهم وثانيهما ان يقال المذكور في تلك الاخبار الغناء والمفرد المعرف باللام لا يدل على العموم لغة وعمومه انما يستنبط من حيث انه لا قرينة على ارادة الخاص وارادة بعض الافراد من غير تعيين ينافي غرض الافادة وسياق البيان والحكمة فلا بد من حمله على الاستقراق والعموم وههنا ليس كذلك لان الشايع في ذلك الزمان الغنا على سبيل اللهو من الجواري المغنيات وغيرهن في مجالس الفجور والخمور وغيرها فحمل المفرد على تلك الافراد الشايعة في ذلك الزمان غير بعيد وفي عدة من تلك الاخبار اشعار بكونه لهوا باطلا وصدق ذلك في القران والدعوات والاذكار المقرورة بالاصوات الطيبة المذكرة للاخرة والمهيجة للاشواق إلى عالم القدس محل تأمل فاذن ان ثبت اجماع في غير الغناء على سبيل اللهو كان متبعا والا بقي حكمه على اصل الاباحة وطريق الاحتياط واضح والمشهور بين الاصحاب استثناء الحد أو هو سوق الابل بالغناء لها ولا اعلم حجة عليه الا ان يقال بعدم شمول ادلة المنع له واختلفوا في فعل المرأة له في الاعراس إذا لم تتكلم بالباطل ولم تعمل بالملاهي ولم تسمع صوتها الاجانب من الرجال فاباحه جماعة منهم الشيخان وكرهه القاضي وذهب جماعة منهم ابن ادريس والعلامة إلى التحريم استنادا إلى اخبار مطلقة ووجوب الجمع بينها وبين الصحيح الدال على الجواز يقتضي المصير إلى القول الاول وعن بعضهم استثناء مراثي الحسين (ع) وهو غير بعيد ومن ذلك معونة الظالمين بما يحرم واما ما لا يحرم كالخياطة وغيرها فالظاهر جوازه والاحوط الاحتراز عنه لبعض الاخبار الدالة على المنع وقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا قال في مجمع البيان فقيل معناه لا تميلوا إلى المشركين في شئ من دينكم عن ابن عباس وقيل لا تداهنوا الظلمة عن السدى وابن زيد وقيل ان الركون إلى الظالمين المنهى عنه هو الدخول معهم في ظلمهم واظهار موالاتهم فاما الدخول عليهم ومخالطهم ومعاشرتهم دفعا لشرهم فجايز عن القاضي وقريب منه ما روي عنهم (ع) ان الركون هو المودة والنصيحة والطاعة لهم ومن ذلك نوح النايحة بالباطل وبدون ذلك جايز ويدل على جواز النوحة واخذ الاجرة صحيحة ابي بصير و موثقة حنان بن سدير وعلى جوازها موثقة يونس بن يعقوب ورواية ابي حمزة وفي موثقة حنان قل لها لا تشارط وتقبل كل ما اعطيت ويدل رواية سماعة على كراهية كسب النايحة وعد من ذلك حفظ كتب الضلال من التلف أو على ظهر القلب لغير النقض والحجة على اهلها والتقية والظاهر انه لو كان الغرض الاطلاع على المذاهب والاراء
والديانات ليكون على بصيرة في تميز الصحيح من الفاسد أو يكون الغرض منه الاعانة على التحقيق أو تحصيل ملكة البحث أو الاطلاع على الطرق الفاسدة ليتحرز عنها أو غير ذلك من الاغراض الصحيحة لم يكن عليه بأس ومن ذلك الغيبة وهجاء المؤمنين يعني ذكر المعايب بالشعر قال في المسالك ولا فرق في المؤمن هنا بين الفاسق وغيرهم اللهم الا ان يدخل هجاء الفاسق في مراتب النهي عن المنكر بحيث يتوقف ردعه عليه وقال الشهيدالثاني وغيره خرج بالمؤمنين غيرهم فيجوز هجاؤه كما يجوز لعنه وقال بعض المتأخرين الظاهر ان عموم ادلة تحريم الغيبة من الكتاب والسنة يشمل المؤمنين و غيرهم فان قوله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضا اما للمكلفين كلهم أو المسلمين فقط لجواز غيبة الكافر ولقوله تعالى بعده لحم اخيه ميتا وكذلك الاخبار فان أكثرها بلفظ الناس أو المسلم مثل ماروي في الفقيه من اغتاب امرءا مسلما بطل صومه وجاء يوم القيمة من فيه رايحة انتن من الجيفة يتاذى اهل الموقف وان مات قبل ان يتوب مات مستحلا لما حرم الله تعالى الا من سمع فاحشة فافشاها فهو كالذي اتاها الحديث ونقل عن رسالة الغيبة للشهيد الثاني اخبار بعضها بلفظ الناس وبعضها بلفظ المسلم واستثنى من الغيبة المحرمة امور تسعة الاول المتظلم عند من يرجو ازالة ظلمه إذا نسب من ظلمه إلى الاثام جاز الثاني الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى منهج الصلاح ومرجع الامر في هذا إلى القصد الصحيح وللقصد هنا مدخل في الجواز الثالث الاستفتاء كما يقول للمفتي ظلمني ابي أو اخي فكيف طريقي في الخلاص والاسلم ههنا التعريض بان يقول ما قولك في رجل ظلمه أبوه أو اخوه وقد روي ان هندا قالت للنبي صلى الله عليه وآله ان أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني انا ولدي افاخذ من غير علمه فقال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف فذكرت الشح والظلم لها وولدها