مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج15-ص385
والفرق بينه وبين قوله (أد ديني) فأداه، حيث يرجع عليه: أن أداء دينه ينفعه لا محالة، وإلقاء المتاع قد يفضي إلى النجاة وقد لا يفضي إليها، فلا يضمن إلا مع التصريح به.
ويعتبر قيمة الملقى حين الالقاء، لانه وقت الضمان.
ويحتمل اعتبارها قبل هيجان الامواج، لان المال لا قيمة له في تلك الحالة.
ثم الضمان إنما يجب على الملتمس بشرطين: أحدهما: أن يكون الالتماس عند خوف الغرق.
فأما في غير حال الخوف فلا يقتضي الالتماس الضمان، سواء قال: على أني ضامن، أم لم يقل، كما لو قال: اهدم دارك أو مزق ثوبك أو اجرح نفسك، ففعل.
هذا هو الاظهر في الحكم، بل ادعى عليه الشيخ في المبسوط (1) الاجماع.
ولكن المصنف – رحمه الله – تردد في الحكم عند عدم الخوف.
ووجه التردد: من عدم الفائدة، والاجماع المدعى، وكون الضمان على خلاف الاصل، وإنما ترك العمل به مع الخوف للمصلحة فيبقى الباقي.
ومنعموم (2) الامر بالوفاء بالعقود، وهو عام إلا ما خصه الدليل، ولا مخصص هنا.
وهو ضعيف، لوجود المخصص.
والثاني: أن لا يختص فائدة الالقاء بصاحب المتاع.
فلو اختص به بطل، ولم يحل له أخذه، لانه فعل ما هو واجب عليه لمصلحة نفسه، فلا يستحق به عوضا، كما لو قال للمضطر: كل طعامك وأنا ضامن، فأكل، فإنه لا يرجع على
(1) المبسوط 7: 171.
(2) المائدة: 1.