مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج15-ص333
أما لو فر، فألقى نفسه في بئر أو على سقف، قال الشيخ: لا ضمان، لانه ألجأه إلى الهرب لا إلى الوقوع، فهو المباشر لاهلاك نفسه، فيسقط حكم التسبيب.
وكذا لو صادفه في هربه سبع فأكله.
ولو كان المطلوب أعمى، ضمن الطالب ديته، لانه سبب ملجئ.
وكذا لو كان مبصرا، ووقع في بئر لا يعلمها، أو انخسف به السقف، أو اضطره إلى مضيق فافترسه الاسد، لانه يفترس في المضيق غالبا.
قوله: (أما لو فر فألقى نفسه.
إلخ).
ما تقدم حكم ما لو مات من الصيحة أو عندها على ما فصل، أما لو لم يمت كذلك، لكنه فر خوفا فألقى نفسه في بئر ونحوه، أو صادفه سبع في طريقه فافترسه، فإن الشيخ – رحمه الله – في المبسوط (1) حكم بعدم الضمان، فارقا في الوقوع في البئر ومن السقف بين الاعمى وغيره، فأوجب الضمان لو كان المطلوب أعمى، وفي مصادفة السبع لم يفرق بينهما وأسقط الضمان.
واحتج على الاول بأنه إنما ألجأه إلى الهرب لا إلى الوقوع، فإنه ألقى نفسه باختياره، فهو من باب اجتماع المباشر والسبب غير الملجئ، كالحافر والدافع، فإن الضمان على الدافع.
واحتج على الثاني بأن السبع له قصد واختيار، فهو مباشر حقيقة، وذلك السبب غير ملجئ إلى افتراسه، فكان أقوى.
والمصنف – رحمه الله – اقتصر على نقل القول فيه مؤذنا بالتوقف فيه أو رده، من حيث إنه لولا الاخافة لم يحصل الهرب المقتضي للتلف.
وكونه باختياره
(1) المبسوط 7: 159.