مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج14-ص166
فالاول: قد تقدم (1) البحث فيه في القضاء، وأنه هل يحكم بها للمسلم من دون أن يعلم منه الاتصاف بملكتها، أم لابد من اختباره وتزكيته؟ وأما الثاني فلا خلاف في زوالها بمواقعة الكبائر من الذنوب، كالقتل والزنا وعقوق الوالدين، وأشباه ذلك.
وإنما الكلام في أن الذنوب هل هي كلها كبائر، أم تنقسم إلى كبائر وصغائر؟ وقد اختلف الاصحاب وغيرهم في ذلك، فذهب جماعة منهم المفيد (2) وابن البراج (3) وأبو الصلاح (4) وابن إدريس (5) والطبرسي (6) – بل نسبه في التفسير إلى أصحابنا مطلقا – إلى الاول، نظرا إلى اشتراكها في مخالفة أمره تعالى ونهيه.
وجعلوا الوصف بالكبر والصغر إضافيا، فالقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا وكبيرة بالنسبة إلى النظر، وكذلك غصب الدرهم كبيرة بالنسبة إلى غصب اللقمة وصغيرة بالاضافة إلى غصب الدينار، وهكذا.
وذهب المصنف – رحمه الله – وأكثر المتأخرين (7) إلى الثاني، عملا بظاهر قوله تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) (8)، دل بمفهومهعلى أن اجتناب بعض الذنوب – وهي الكبائر – يكفر السيئات، وهو يقتضي كونها
(1) في ج 13: 397.
(2) مصنفات الشيخ المفيد 4: 83 – 84.
(3) المهذب 2: 556.
(4) الكافي في الفقه: 435.
(5) السرائر 2: 117 – 118.
(6) مجمع البيان 3: 70.
(7) تحرير الاحكام 2: 208، إيضاح الفوائد 4: 421، الدروس الشرعية 2: 125.
(8) النساء: 31.