مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج14-ص11
لا يقال: فتوى الاصحاب أنه لا يجوز كتاب قاض إلى قاض، ولا العمل به.
ورواية طلحة بن زيد والسكوني عن أبي عبد الله عليه السلام: أن عليا عليه السلام كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض، [ لا ] في حد ولا غيره، حتى وليت بنو أمية فأجازوا بالبينات.
الثالث: أن المنع من ذلك يؤول إلى استمرار الخصومة في الواقعةالواحدة، بأن يرافعه المحكوم عليه إلى حاكم آخر، فإذا لم ينفذ حكم الاول يجب عليه سماع الدعوى.
ثم قد يكون عالما بعدالة شهود الحق، فيحكم له كالاول.
ثم يحاكمه إلى آخر كذلك، إما [ لو ] (1) توصلا إلى حاكم يختل معه بعض الشرائط المعتبرة في إثبات الحق فينتفي عنه، أو يحصل بتكرار الخصومة مشقة زائدة على المحكوم له، بخلاف ما إذا أنفذ حكم الاول، فإن الخصومة ترتفع حينئذ، ويمضى الحكم الاول على وجهه.
وهذا هو الموافق لنصب الحكام من الشارع، فإنهم وضعوا لفصل الخصومات وقطع المنازعات، دون ما يوجب استمرار الخصومة.
الرابع: أن الغريم لو أقر عند الحاكم أن حاكما حكم عليه بالحق ألزمه الحاكم المقر (2) عنده به بالحق، لان إقراره بذلك إقرار بثبوت الحق عليه شرعا، وإذا كان الحاكم الثاني يلزم الغريم بإقراره بالحكم ويقطع الخصومة بذلك، فكذا إذا شهدت عنده البينة بحكم الحاكم بذلك، لان البينة تثبت ما لو أقر به الغريم لزم، فإذا كان الاقرار بالحكم ملزما كانت البينة عليه ملزمة.
قوله: (لا يقال: فتوى الاصحاب.
…إلخ).
(1) من (ث) والحجريتين.
(2) في إحدى الحجريتين: المقر به عنده.