مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج13-ص438
ووجه ما اختاره المصنف – رحمه الله – من اشتراط الجزم بالصيغة: أن الدعوى يلزمها أن يتعقبها يمين المدعي أو القضاء بالنكول، وهما غير ممكنين مع عدم العلم بأصل الحق.
وأن المعهود من الدعوى هو القول الجازم، فلا يطابقها الظن ونحوه.
ونقل المصنف – رحمه الله – عن بعض من عاصره – وهو الشيخ نجيب (1) الدين محمد بن نما – سماع الدعوى في التهمة وإن لم تكن جازمة، ويحلف المنكر من غير أن يترتب عليها رد اليمين على المدعي، لعدم إمكانه.
وضعفه المصنف – رحمه الله – ببعده عن شبه الدعوى، لان المعهود منها القول الجازم.
وفيه نظر، لعدم ثبوت ذلك، مع دخوله في عموم قوله تعالى: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) (2).
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) (3)، ومن ثم قيل بسماعها بدون الجزم مطلقا، ولاصالة عدم الاشتراط.
وعلى القول بسماعها فيما يخفى كالتهمة إن حلف المنكر فلا كلام، وإلا فإن قضينا بالنكول قضي (4) هنا أيضا، إجراء له مجرى الاقرار والبينة، فيستبيح المدعي الاخذ.
وإن قلنا لا يقضى إلا برد اليمين لم يرد هنا، لعدم إمكانه.
ولو عاود بعد ذلك وادعى العلم فالاقوى السماع، لامكان تجدده.
(1) راجع إيضاح الفوائد 4: 327 – 328.
(2) المائدة: 49.
(3) النساء: 65.
(4) في الحجريتين: قضينا.