مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج13-ص422
بعضهم بجوازه – أخفى.
وبيانه: أن الغرض من الرشوة أن يحكم لباذلها على التعيين بحق أو باطل، وفي الجعل أن يشترط عليهما أو على المحكوم عليه.
فالفرق واضح، لانه حينئذ في مقابلة عمله معهما وفصل الحكومة بينهما، من غير اعتبار الحكم لاحدهما بخصوصه.
وإن شرط على المحكوم له فالفرق: أن الحكم لا يتعلق الغرض فيه بأحدهما بخصومة، بل من اتفق الحكم له منهما على الوجه المعتبر يكون عليه الجعل.
وهذا ليس فيه تهمة ولا ظهور غرض، بخلاف الرشوة المبذولة ابتدا، من شخص معين ليكون الحكم له بخصومة كيف كان، فإن هذا ظاهر في فساد المقصد، وصريح في تطرق التهمة.
واعلم أن الضمير في قول المصنف: (وإن كان إلى حق لم يأثم) يرجع إلى الدافع.
وأما المرتشي فهو باق على عموم التحريم المذكور سابقا.
ويجب تقييدعدم التحريم في حق الدافع بما أشرنا إليه سابقا من عدم إمكان وصوله إلى حقه بدونه، وإلا حرم عليه أيضا، لانه إعانة على الاثم والعدوان المنهي (1) عنه.
ونبه بقوله: (ويجب على المرتشي إعادة الرشوة إلى صاحبها) على خلاف بعض العامة (2)، حيث ذهب إلى أنه يملكها وإن فعل حراما، لوجود التمليك
(1) المائدة: 2.
(2) لم نجد القول الاول فيما لدينا من مصادر فقه العامة، والقول الثاني ذكروه في الهديه، انظر المغني لابن قدامة 11: 439، روضة الطالبين 8: 128.