پایگاه تخصصی فقه هنر

مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج13-ص374

وقوله: (لان المصيب عندنا واحد) نبه به على خلاف بعض العامة (1) حيث ذهب إلى أن كل مجتهد مصيب، فلا وجه حينئذ في الرجوع إلى قول من ينبهه، لان كلا منهما موافق للصواب، وإن كان بعض الآراء أرجح من بعض.

وفيه نظر، لان هذا الحكم يجري على المذهبين، وقد ذكره الفريقان في آداب القضاء لان الاصابة في الاجتهاد عند (2) القائل بكون كل مجتهد مصيبأ إنما هي مع موافقة الاجتهاد للدليل المناسب للحكم، والمفروض هنا الغفلة عنه وأنه إذا نبه عليه تنبه، وعلم أن الدليل الذي اعتمده أولا غير صحيح بحسب ما يراه، بأن كان في المسألة رواية فيها طعن غفل عنه مثلا، أو روايتان متعارضتان فجمع بينهما بأمر غير سديد، أو رجح إحداهما بمرجح مع غفلته عن أمور أخرى ترجح ذلك الجانب، أو نحو ذلك.

وهذا الامر يشترك فيه القولان.

وإصابة الواحد إنما هي في نفس الامر لا في الظاهر، ومن الجائز أن لا يكون الحكم الذي ينبه عليه ووجب عليه اتباعه هو الصواب في نفس الامر، لان الواجب في الظاهر اتباع الراجح بعد استفراغ الوسع في تحصيل دليله، سواءطابق الواقع في نفس الامر أم لا، بل ذلك أمر لا يعلم إلا من قبل الله تعالى.

وقد وقع في كلام ابن الجنيد في هذه المسألة ما يوهم جواز تقليده لهم في الحكم، لانه قال: (لا بأس أن يشاور الحاكم غيره فيما اشتبه عليه من الاحكام، فإن أخبروه بنص أو سنة أو إجماع خفي عليه عمل به) (3).

(1) الحاري الكبير 16: 128، البحر المحيط 6: 241.

(2) كذا في (خ)، وفي سائر النسخ: على.

(3) حكاه عنه العدمة في المختلف: 703.