مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج12-ص161
مسلما كان الغاصب أم كافرا، إلا إذا كان الكافر ذميا مستترا بها، أو كان المسلم يتخذها للتخليل، فتكون محترمة في الموضعين، ويضمنها الغاصب لها (1).
فإن كان المغصوب منه مسلما وجب ردها عليه مع بقاء عينها، ولو تخللت ردها خلا لانها مملوكة على هذا الوجه، فلا يزول ملكها بانتقالها إلى الصفةالمحللة، بل يتأكد.
وإن تلفت عينها عند الغاصب، فإن كان بعد التخليل لزمه مثل الخل، وإن كان قبله أثم، وسقط عنه الضمان في المشهور، لان حق الامساك للتخليل لا يوجب الضمان.
وقال ابن الجنيد (2): يحكم له بقيمتها خلا، لان له حق اليد فكان عليه الضمان بإتلاف حقه، ولا يصلح الضمان بالمثل فيضمن بالقيمة، ويجب الخل، لانه أقرب إلى العين.
ولا يخلو هذا من تدافع، لان جعلها حينئذ قيمية يقتضي إيجاب القيمة كيف كان، فلا وجه للانتقال إلى الخل وإن كان أقرب، ولا يفتقر إلى رد قيمتها إلى المستحل، لان خمر التخليل لها قيمة عند المسلمين أيضا.
وإن كان المغصوب منه ذميا مستترا بها، وكان الغاصب مسلما؟ لزمه القيمة قولا واحدا، لتعذر إلزامه بالمثل شرعا.
إن كان المتلف كافرا ففي إلزامه بالمثل أو القيمة وجهان، من أنه مال مملوك لهم وهو مثلي فيضمن بمثله، إذ لا مانع منه هنا، ومن أنه يمتنع في شرع الاسلام الحكم بثبوت الخمر في ذمة أحد، وإن كنا لا نتعرضهم إذا لم يتظاهروا
(1) في ” و “: لهما.
(2) حكاه عنه العلامة في المختلف: 459.