مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج12-ص9
لهم قل أحل لكم الطيبات) (1) إذ ليس المراد منها هنا الحلال، لعدم الفائدة في الجواب على تقديره، لانهم سألوه أن يبين لهم الحلال فلا يقول في الجواب: الحلال، ولا الطاهر، لانه إنما يعرف من الشرع توقيفا، ولا ما لا أذى فيه، لان المأكول لا يوصف به، فتعين أن يكون المراد ردهم إلى ما يستطيبونه ولا يستخبثونه، فردهم إلى عادتهم وما هو مقرر في طباعهم.
ولان ذلك هو المتبادر من معنى الطيب عرفا.
وسيأتي في الاخبار ما ينبه عليه.
والمراد بالعرف الذي يرجع إليه في الاستطابة عرف الاوساط من أهل اليسار في حالة الاختيار، دون أهل البوادي وذوي الاضطرار من جفاة العرب، فإنهم يستطيبون ما دب ودرج، كما سئل (2) بعضهم عما يأكلون فقال: كل ما دب ودرج إلا ام حبين (3)، فقال بعضهم: لتهنأ ام حبين العافية، لكونها أمنت أن تؤكل.
هذا خلاصة ما قرره الشيخ في المبسوط (4) وغيره (5)، إلا أنه فصل أولاالمحلل إلى الحيوان وغيره، وقسم الحيوان إلى حي وغيره، وجعل ما كان من الحيوان حيا (6) فهو حرام حيث لا يرد به شرع، محتجا بأن ذبح الحيوان محظور، وما كان من الحيوان غير حي أو من غيره فهو على أصل الاباحة.
وفي استثناء الحيوان الحي من ذلك نظر، لعموم الادلة.
والاستناد إلى تحريم ذبحه بدون
(1) المائدة: 4.
(2) انظر المبسوط 6: 279، الحاوي الكبير 15: 135.
(3) ام حبين: دويبة على خلقة الحرباء عريضة الصدر عظيمة البطن.
لسان العرب 13: 105.
(4) راجع المبسوط 6: 278 – 279، والتفصيل الذي نقله عنه هنا يختلف في بعض النقاط عما في المبسوط.
(5) السرائر 3: 118.
(6) كذا في ” ص، و “، وفي سائر النسخ: حي.