مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج11-ص266
وهذه المسألة ترجع إلى جميع هذه القاعدة، فإن البناء حقيقة لغوية في مباشرته ومجاز في الامر به، لكن قد غلب العرف في ذلك حتى لا يتبادر من قول القائل: ” بنيت دارا ” و ” فلان بنى بيتا ” إلا هذا المعنى.
إلا أن الحقيقة لم تهجر أصلا، لان من باشر البناء يقال إنه بنى أيضا بطريق أولى.
وأما نحو البيع والشراء فالحقيقة اللغوية فيه باقية بلا معارض، وإن أسند إلى غير الافعل فهو قليل لا يخرج عن أصل المجازية.
ويترتب على ذلك أن الحالف على البيع والشراء نفيا وإثباتا يحمل على مباشرته ذلك.
فلا يحنث بالتوكيل كما لا يبر به في جانب الاثبات.
والحالف على البناء يحنث بمباشرته قطعا، وفي حنثه بالامر به وجهان.
واستوجه المصنف فيه عدم الحنث، عملا بالحقيقة، واستصحابا لحكمها.
وذهب جماعة (1) إلى الحنث به، لغلبة استعماله في العرف.
وفيه قوة.
ومثله حلفالسلطان ونحوه ممن يترفع عن مباشرة الضرب عليه.
فإنه يحنث بمباشرته، وفي أمره الوجهان.
وحكم المصنف – رحمه الله – فيهما واحد.
رالقول بالحنث فيه أيضا قوي.
واعلم أن المسألة مفروضة فيما إذا أطلق ولم ينو شيئا.
أما إذا نوى أن لا يفعل ولا يفعل (إلا) (2) بإذنه، أو لا يفعل ولا يأمر به، فلا خلاف في الحنث إذا أمر به غيره.
هكذا أطلقه جماعة (3).
(1) المختلف: 652، إيضاح الفوائد 4: 27.
(2) من الحجريتين، ولم ترد في النسخ الخطية، والظاهر أنها زائدة.
(3) لم نعثر على من أطلق الحكم بذلك، وانظر قواعد الاحكام 2: 134 – 13