مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج11-ص124
يما بعد، وادعى أنه أشهد تبعا للعادة ولم يقبض، قيل: لا تقبل دعواه، لانه مكذب لاقراره.
وقيل تقبل، لانه ادعى ما هو معتاد.
وهو أشبه، إذ ليس هو مكذباللاقرار، بل (هو) مدعيا شيئا آخر، فيكون على المشتري اليمين.
وليس كذلك لو شهد الشاهدان بإيقاع البيع ومشاهدة القبض، فإنه لا يقبل إنكاره، ولا يتوجه اليمين، لانه إكذاب للبينة.
قوله: ” إذا أشهد بالبيع.
الخ “.
القول بالقبول للاكثر (1)، بمعنى سماع الدعوى وتوجه اليمين بها على المشتري على وقوع الاقباض حقيقة.
وإنما انتقلت اليمين إليه مع أنه المدعي لاقرار البائع بالقبض، فهذه اليمين إنما هي في مقابلة الدعوى الواقعة من البائع ثانيا بأنه لم يقبض وأن إقراره السابق ماكان مطابقا للواقع.
وبهذا يحصل الجواب عن حجة المانع من قبول قوله، من حيث إنه مكذب بدعواه الثانية لاقراره السابق.
وحاصل الجواب: أنه ما كذب الاقرار، بل هو معترف بوقوعه، وإنما يدعي معه أمرا آخر وهو كونه تبعا للعادة من الاشهاد على القبض من غير أن يحصل قبض لاقامة الشهادة والحجة، خوفا من تعذر الشهود وقت الاقباض، ولكون هذا أمرا معتادا بين المتعاملين اتجه قبوله، لا بمعنى تقديم قول مدعيه، بلبمعنى سماع دعواه وتوجه اليمين على المشتري بأن الدفع بطريق الحقيقة لا على جهة المواطاة.
(1) راجع المبسوط 3: 32، قواعد الاحكام 1: 287، إيضاح الفوائد 2: 463، اللمعة الدمشقية: 1 39، جامع المقاصد 9: 344.