مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج11-ص81
ولو قال: له ألف درهم إلا ثوبا،فإن اعتبرنا الجنس بطل الاستثناء.
وإن لم نعتبره كلفنا المقر بيان قيمة الثوب، فإن بقي بعد قيمته شئ من الالف صح، وإلا كان فيه الوجهان.
لعدم دليل يدل على إرادة بعض أفراد المشترك أو المتواطن، لانه مشترك اشتراكا معنويا.
فإذا فسر بقية الالف بشئ كالجوز نظر في قيمتها عند الاقرار لا عند التفسير ووضع منها الدرهم المستثنى، فإن بقي من قيمته بقية متمولة ليتوجه الاقرار إليها صح، وإن استوعب الدرهم قيمته كان الاستثناء مستغرقا فلا يسمع.
وهل يبطل الاستثناء حينئذ ويثبت الالف من ذلك الجنس الذي عينه، أم يبطل التفسير خاصة ويكلف تفسير الالف بشئ آخر ويعتبر بما اعتبر به الاول؟ قولان، منشؤهما أن الاقرار في نفسه صحيح وإنما طرأ عليه المبطل بالتفسير الذي ذكره فيلغو ويبقى الاقرار مع الاستثناء موقوفا، لعدم المانع من نفوذه، وأصالة صحة إقرار العقلاء على أنفسهم، فيرجع الامر فيه إلى أوله ويطالب بتفسير آخر، وهلم جرا.
ومن أن التفسير بيان للالف التي أقر بها أولا مبهمة ووقع الاقرار بها صحيحا، فكان التفسير لها بمنزلتها، فهو وإن كان متأخرا إلا أنه في قوة المتقدم، لانه كشف عن حقيقة ما أقر به أولا، لا أحدث أمرا جديدا لم يكن حتى يقال: إنه متأخر فيلغو، وإنما المتأخر الاستثناء وتد وقع مستغرقا فيبطل، ويلزمه الالف المفسرة غير مستثنى منها شئ.
وبهذا يظهر أن بطلان الاستثناء أظهر.
قوله: ” ولو قال: له ألف درهم.
الخ “.
إذا قال: له ألف درهم إلا ثوبا، فقد صرح بالاستثناء المنقطع، فإن قلنا إنه باطل من أصله – كما هو القول النادر – لغا الاستثناء ولزمه الالف تامة.