مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج9-ص442
يشبه الجعالة كما بيناه سابقا (1)، ومع بذل الجاعل عوضا معينا فعمل العامل بنية التبرع أو بنية الاقل لا يستحق الجميع، فكذا هنا.
نعم، هذا يتم إذا لم ينو شيئا.
فإنه حينئذ يكون قد فعل ما التمسته فيستحق ما بذلته.
ويجعل جوابه بقوله: (أنت طالق ” أولا مطابقا لملتمسها، أما مع نية جعله في مقابل الكل فلا.
وفي المسألة وجه آخر يقابل ما استوجهه المصنف، وهو عدم استحقاقه شيئا، لعدم مطابقة الجواب للسؤال.
فإن بذلها الالف في مقابلة طلقة وجوابه بجعلها في مقابلة ثلاث كقولها: طلقني واحدة بألف، فقال: أنت طالق بخمسمائة.
ومثله ما لو قال: أنت طالق بالف، فقبلت بخمسمائة.
والوجه هنا ما اختاره الشيخ، لانه زاد خيرا، ولانه قادر على إيقاعه بغير عوض فأولى أن يقدر على إيقاعه ببعض العوض المبذول.
واعلم أن الحكم بتوزيع الالف وثبوت ثلثها في مقابلة الاولى لا ينافيعدم الحكم به في المسائل السابقة (2)، للفرق بين الامرين، فإن التوزيع الذي استضعفناه فيما لو أتى ببعض ما التمسته فإنه لا يوافق غرضها، بخلاف ما هنا، فإنه قد أتى بملتمسها، وإنما نوى به عوضا أقل مما بذلت فلذلك جعلنا له أقل بمقتضى التوزيع على مقصده، لان ذلك في قوة التبرع بالزائد عن الثلث.
وليس كلما فعل ما التمسته يستحق عليها ما بذلته.
فإنه لو نوى التبرع بالطلاق الملتمس بغير عوض لا على وجه الجواب المطابق لم يستحق شيئا، فكذا هنا بالنسبة إلى بعض العوض.
(1) انظر ص: 379 – 380.
(2) انظر ص: 431.