مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج9-ص233
فكان هذا دالا على أن المراد بالارتياب ما ذكرناه لا الارتياب بأنها آيسة أو غير آيسة، لانه تعالى قد قطع في الآية على اليأس من المحيض، والمشكوك في حالها والمرتاب في أنها تحيض أو لا تحيض لا تكون آيسة.
ويدل أيضا على أن المراد الارتياب في العدة ومبلغها قوله: (إن ارتبتم) فإن المرجع في وقوع الحيض منها أو ارتفاعه إليها، وهي المصدقة على ما تخبر به فيه، ومعرفة الرجال به مبنية على إخبار النساء، فإذا أخبرت بأن حيضها قد ارتفع قطع عليه، ولا معنى للارتياب مع ذلك حيث إن المرجع فيه إليهن.
فلو كانت الريبة في الآية منصرفة إلى اليأس من المحيض لكان حقه أن يقول: ” إن ارتبن ” لان المرجع إليهن فيه، فلما قال: ” إن ارتبتم ” علم أنه يريد الارتياب في العدة (1).
وأجيب بأن الريبة المشترطة عائدة إلى اليأس من المحيض وعدم المحيض، والقطع في علمه تعالى باليأس لا يستلزم انتفاء الريبة عندنا، لانه تعالى علام الغيوب.
وسبب النزول لا يجب أن يكون عاما في الجميع.
فجاز أن يقع السؤال عن الصغار والكبار اللاتي لم يحضن أو أيسن مع أن مثلهن تحيض، فإنهلا يمكن الحوالة في عدتهن على الاقراء فوجب السؤال.
وصرف الريبة إلى العدة والعلم بقدرها غير مناسب، لان الاحكام الشرعية قبل ورود الشرع بها غير معلومة، فلا يكون التعليم في هذه الصورة مشروطا بالريبة دون غيرها، لعدم الاولوية.
ثم لو كان المراد ما ذكره لقال: ” إن جهلتم ” ولم يقل: ” إن ارتبتم ” لان سبب
(1) الانتصار: 146 – 147.