مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج9-ص72
وأما ما قيل من أن الغيبة والحضور لا تأثير لهما في السببية فهو مصادرة محضة، لان الخصم يدعي الفرق، ويحتج عليه بالخبر الصحيح، وهو الفارق بين الكتابة واللفظ المشترك في السببية بين الغائب والحاضر ” فكيف يدعى عدم تأثير الغيبة والحضور؟ وبذلك انقطع الاصل الذي ادعوه، وتثبت سببية الطلاق.
وأما دعوى ترجيح الاولى بموافقة الاصل والشهرة في العمل ففيه: أن الصحيح مقدم على الحسن، فلا تعارض.
ثم إن المقيد مقدم على المطلق،والجمع بينهما واجب، فلا تعارض.
ثم إن الطلاق المدعى وقوعه بالكتابة يدخل في عموم الطلاق، والاصل فيه الصحة.
وأما الشهرة فحالها في الترجيح وعدمه معلوم.
ومما يؤيد الصحة أن المقصود بالعبارة الدلالة على ما في النفس، والكتابة أحد الخطابين كالكلام، والانسان يعبر عما في نفسه بالكتابة كما يعبر بالعبارة.
نعم، هي أقصر مرتبة من اللفظ، وأقرب إلى الاحتمال، ومن ثم منع من وقوع الطلاق بها للحاضر، لانه مع الحضور لا حاجة إلى الكتابة، بخلاف الغيبة، للعادة الغالبة بها فيها.
واعلم أنه على [ تقدير ] (1) القول بوقوعه بها يعتبر القصد بها إلى الطلاق، وحضور شاهدين يريان الكتابة.
وهل يشترط رؤيته حال الكتابة، أم تكفي رؤيتهما لها بعدها، فيقع حين يريانها؟ وجهان، والاول لا يخلو من قوة، لان ابتداءها هو القائم مقام اللفظ لا استدامتها.
وإنما تعلم النية بإقراره، ولو شك فيها فالاصل عدمها.
وحينئذ فتكون الكتابة كالكناية ” ومن ثم ردها الاصحاب مطلقا
(1) من الحجريتين.