مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج9-ص20
أما إذا ظهر بأن خالف المكره وأتى بغير ما حمله عليه حكم بوقوع الطلاق، لان مخالفته له تشعر باختياره فيما أتى به.
وذكروا لذلك صورا، منها ما يظهر فيهالاختيار، ومنها ما يلتبس أمره.
فمنها: أن يكرهه على طلقة واحدة فيطلق ثلاثا، فإنه يشعر برغبته واتساع صدره للطلاق، فيقع الجميع لا اثنتان، مع احتماله، لان صيغته الاولى يحكم عليها بالاكراه لعدم المعارض، فتلغو ويقع ما بعدها.
ووجه وقوع الجميع أن إيقاع الاخيرتين قرينة اختياره في الاولى.
ولو أوقع الثلاث بصيغة واحدة، فإن كان يعتقد عدم صحة ما زاد على الواحدة بذلك فهو كما لو أوقع واحدة خاصة، بل أولى، لان التلفظ بالثلاث على هذا الوجه مختلف في أنه يسد مسد الواحدة أم لا كما سيأتي (1)، فقد أتى بالمحمول عليه على أدنى مراتبه.
وإن كان يعتقد وقوع الثلاث بهذا اللفظ كالمخالف وقع عليه الثلاث، لدلالته على الاختيار.
ولا يحتمل هنا إلغاء واحدة كما احتمل في السابق المترتب، لان هذا لفظ واحد مخالف للمكره عليه ابتداء فوقع صحيحا، بخلاف الثلاث المترتبة، فإن الاول منها عين المكره عليه.
ومنها: ما لو انعكس، بأن أكرهه على ثلاث طلقات فطلق واحدة فقيل تقع الواحدة لانها غير ما أكرهه عليه.
والاقوى هنا عدم الوقوع.
لان الواحدة بعض ماأكرهه عليه، ولانه قد يقصد دفع مكروهه بإجابته إلى بعض مطلوبه، ولا يقصد إيقاع الواحدة.
ومنها: لو أكرهه على طلاق زوجته فطلق زوجتين، فإن وقع ذلك بلفظ
(1) في ص: 29 – 31.