مسالک الافهام الی تنقیح شرائع الاسلام-ج8-ص419
ونقل الشيخ في الخلاف (1) عن بعض العلماء أن الام أحق بالولد متى طلبت أجرة المثل وإن وجد الأب من يأخذ أقل أو يتبرع، لعموم قوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن، (2) المتناول محل النزاع.
وقواه ابن إدريس (3).
واحتج الشيخ (4) للقول الأول بقوله تعالى: (وإن تعاسرتم فسترضع له اخرى) (5) وهذه إذا طلبت الأجرة وغيرها يتطوع فقد تعاسرا.
وأجاب عن الآية الاخرى بأنها تفيد لزوم الأجرة إن أرضعت، وذلك لا خلاف فيه، وإنما الكلام في أنه يجب دفع المولود إليها لترضعه أم لا، وليس ذلك في الآية.
وأجيب عنه بأن المراد من قوله: (فإن أرضعن لكم) أردن الإرضاع ” فيدل على كونها أحق بالأجرة مطلقا.
وقوله تعالى: (وإن تعاسرتم) أي: في الإرضاع وعدمه – بأن امتنعت منه – فسترضع له اخرى، لا أنها إذا طلبت الأجرة.
وفيه نظر، لأن الإضمار على خلاف الأصل، والتعاسر أعم من وقوعه على الإرضاع وعدمه وعلى الأجرة.
ولا يرد أنه يلزم على القول الآخر الإضمار، لأن الأجرة تملك بالعقد وقد علق الأمر بدفعها على الفعل.
لأن الأجرة وإن ملكت بالعقد على تقدير وقوع صيغة الإجارة إلا أن دفعها لا يستحق إلا بالعمل، والأمر في الآية وقع بإيتائهن الأجر لا بأصل ملكه.
على أن استحقاقها الأجرة غير متوقف على عقد الاجارة، بل يكفي فيه الفعل مع قصد الأجرة أو عدم التبرع، فيكون حكمها في استحقاق الأجرة وملكها كالجعالة لا تستحق إلا بالعمل.
ولا يشترط في لزومها تمام الرضاع، بل حصول مسماه المقابل لأجرة كما تقتضيه الآية.
(1 و 4) الخلات طبعة كوشانپور 2: 335، مسألة (34).
(2 و 5) الطلاق: 6.
(3) السرائر 2: 650